المنفرد عنهم دل ذلك على أنهم لم يفعلوا ذلك إلا وقد علموا ان ما صاروا (1) إليه من حكم أحد الخبرين هو الناسخ المعول عليه دون الآخر فصار ذلك بمنزلة خبر التواتر مع خبر الواحد أنه يقضى عليه ولا يعترض به على التواتر فإن قال قائل فإن الواحد يقول للجماعة مثل ذلك فيما صار إليه من حكم الخبر الذي رواه قيل له لم يذكر عيسى أن الواحد أنكر على الجماعة مصيرها إلى الخبر الذي روته كما ذكر إنكار الجماعة على الواحد ولا يدرى ما جوابه في ذلك على انا نلتزمه مع ذلك ونقول إنه لو ظهر مع ذلك (2) في النكير من كل واحد من الفريقين على صاحبه فيما صار إليه من حكم الخبر الذي رواه كان ما ذهب إليه الجماعة أولى بالحق وذلك لأن الناسخ سبيله أن يظهر كظهور الخبر المنسوخ فلو كان ما صار إليه الواحد هو الناسخ لظهر (3) ذلك في (4) الجماعة كظهور الأصل ولعرفته أبو وما (5) خفي عليها فلما لم تعرف الجماعة ذلك ناسخا وعرفت ما صارت إليه (6) منهما ناسخا كان ما ذهب إليه الجماعة أولى بالاستعمال وليس يمنع أن يخفى حكم النسخ على الواحد والاثنين (7) فيتمسك من اجل خفائه عليه بما سمعه بدءا لأنه ليس على النبي صلى الله عليه وسلم إذا نسخ حكما قد حكم به ان يقصد به كل واحد من الناس في عينه وإنما عليه إظهاره في الجماعة وإن خفي بعد ذلك حكمه على الواحد والاثنين كان عليهما أن يصيرا فيه إلى قول الجماعة وأيضا فإذا ثبت أن اختلافهم في حكم الخبرين على هذا الوجه كان من (8) طريق النسخ كان قول الجماعة في ذلك أولى لأن أكثر (9) أحوالهم أن يصيروا بمنزلة الجماعة إذا روت النسخ وخالفهم الواحد والاثنان فتصير رواية (10) الجماعة أولى من رواية المنفرد فبان بما وصفنا أن
(٤١٣)