ادعى فضيلة العلم ألا ترى (1) أنه لو ورد بمثله لفظ عموم لما ساغ اعتبار عمومه في معنيين مختلفين فيما ليس بمذكور مما يقتضيه أولى أن لا يصلح (2) اعتبار العموم فيه فكذلك لم يصح الاحتجاج فيه بظاهر اللفظ حتى تقوم دلالة على المراد وكذلك قوله عليه السلام رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه (3) هو في (4) معنى ما ذكرناه في هذا الفصل لأن قوله رفع عن أمتي تعلق (5) بالفعل عن وجهين مختلفين أحدهما رفع الحكم رأسا والآخر رفع المأثم مع بقاء الحكم ولا دلالة في اللفظ على اختصاصه بأحدهما دون الآخر فلم يصح اعتبار العموم فيه إذا كان ما تعلق به من الضمير مختلفا فإن قال قائل وكذلك التحريم قد تعلق بالأم على وجه دون وجه وبالميتة والخمر على وجه دون وجه لأن التحريم لم (6) يتعلق في أن يبرها وينفق عليها ويكرمها ولم يتعلق بالميتة في أن يحملها فيرمي بها وفي الخمر بأن يريقها ثم لم يمنع (7) جواز تعلق التحريم بذلك على وجه دون وجه من اعتبار العموم فيه بإطلاق لفظ التحريم قيل له هذا سؤال من لم يفهم ما تقدم وذلك أنا قلنا إن التحريم إنما يتعلق بالشئ المحرم على وجه واحد وكذلك التحليل ثم خروج (8) بعض الأفعال من حكم التحريم والتحليل لا يوجب اختلاف معنى التحريم فيما تعلق به ولذلك (9) جاز اعتبار العموم فيه وأما قوله صلى الله عليه وسلم الأعمال بالنيات وقوله رفع عن أمتي الخطأ فيما تعلق به إطلاق اللفظ مختلف في نفسه على ما بينا فكذلك لم يصح اعتبار العموم فيه (10)
(٢٦١)