التحريم بأعيان فأراد (1) به (2) غيرها والمراد غير مذكور في اللفظ ولما لم يكن مذكورا لم يصح اعتبار العموم فيه ومن جهة أخرى أن اللفظ لما حصل مجازا احتاج إلى دلالة أخرى (3) من غيره في إثبات حكمه لأن المجاز لا يستعمل إلا في موضع يقوم الدليل عليه قيل له لا يجب ذلك لأن لفظ التحريم وإن علق بما لا يصح أن يكون محرما في الحقيقة من هذه الأعيان التي هي فعل الله تعالى فإنه (4) قد عقل به عند وروده ما يعقل (5) بالمذكور من أفعالنا لو علق به التحريم بل هو آكد في إيجاب التحريم فيه لو ذكر فعلنا فيها لأنه إذا ذكر ضرب من الفعل وعلق التحريم به كان حكمه (6) مقصورا عليه فيما تقتضيه دلالة اللفظ وإذا علق التحريم بالعين تناول (7) سائر وجوه الفعل في العين وهذا على معنى (8) روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن ابن عباس حرمت الخمر بعينها والسكر من كل شراب (9) فأخبر أن كل ما يتعلق تحريمه بالعين تناول سائر وجوهه وما لم يعلقه بالعين قصر حكمه على ذلك النوع دون غيره ويدل على أن ما ذكرناه معقولا من اللفظ وإن علق التحريم بالعين أن كل واحد من أهل اللسان إذا قيل له أمك محرمة عليك أو قد حرمت عليك الخمر والميتة عقل من خطابه بنفس (10) وروده ما يعقله منه (11) لو قيل له (12) الانتفاع بالخمر محرم عليك والاستمتاع بالأم محظور عليك ولا يحتاج إلى استدلال ونظر في صحة وقوع العلم به يستوي في ذلك
(٢٥٩)