القبلة قد حولت استداروا (1) إلى الكعبة (2) فتركوا (3) ما ثبت عندهم بيقين بخبر الواحد وكذلك علم الأنصار بإباحة الخمر كان يقينا (4) لما آتاهم آت وهم يشربونها (5) فأخبرهم ان الخمر قد حرمت أراقوها منه وكسروا الأواني بخبر الواحد (6) قال أبو بكر وقد (7) سئل عيسى بن ابان (8) نفسه هذا السؤال وأجاب عنه بأن من غاب عن حضرة النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن على يقين من بقاء الحكم لجواز ورود النسخ بعد غيبته وليس كذلك سبيل ما ذكرنا لأن النسخ لا يجوز بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم فما (9) ثبت (10) من طريق يوجب العلم لم يجز تركه بما لا يوجبه فإن قيل فما أنكرت انهما لما اتفقا في (11) ان كل واحد منهما يوجب العمل وجب أن يجوز تخصيص أحدهما بالآخر قيل له أفليس قد اتفقنا عندك في وجوب العمل بهما ولم يوجب اتفاقهما من هذا الوجه اتفاقهما في جواز نسخ ما يوجب العمل بما لا يوجبه فهلا قلت في التخصيص مثله وعلى أن قولك قد اتفقا في وجوب العمل (12) بهما خطأ من قبل ان وجوب العمل بخبر الواحد غير مساو (13) لوجوبه بالقرآن ما ثبت من سنن الرسول صلى الله عليه وسلم بالتواتر الموجبة للعلم لأن الوجوب على مراتب بعضها فوق بعض وبعضها آكد من بعض فوجب العمل بالقرآن
(١٦٩)