ركعة الوتر، بناء على إيجابهم وصلها بركعتي الشفع وجعلها كصلاة المغرب، أما على مذهبنا من تعين انفصالها عنهما بتسليمة فلا بد من تقييد الرواية بما عداها، أو التقية، ويشهد له كون الرواية من العامة. وعلى التقديرين لم يثبت النهي فيها عن ركعة الوتر في الشريعة. وتقييدها بصورة النذر خاصة مجازفة محضة، لا يرتكبها ذو مسكة.
والثانية: بأن المذكور فيها أنه نذر ولم يسم شيئا حتى القربة، فتخرج عن موضوع المسألة، وتدخل في المسألة الأولى، وقد حكموا فيها ببطلان النذر من أصله. وتقدير القربة ونحوها فيها خلاف الأصل، لا داعي على ارتكابه.
وبالجملة فالاستناد إلى الروايتين لا وجه له من وجوه متعددة، ولعله لهذا لم يستند إليهما السيد في الشرح (1) وصاحب الكفاية (2) على هذا القول، مع ميلهما إليه، وإنما استندا فيه إلى النصوص الدالة على أن الوتر اسم للركعات الثلاث، لا لخصوص المفردة. ومشروعية فعلها على الانفراد غير ثابتة.
وفي هذا الاستناد أيضا مناقشة، فإن مبناه على عدم ثبوت شرعيتها مفردة، وهو ممنوع لما عرفت من كونها عندنا صلاة مستقلة، فيشملها عموم الرواية السابقة، ولذا أن الشهيد في الدروس خص ما ذكره من عدم الاجتزاء بها بصورة ما إذا نذر صلاة وأطلق، أما لو قيدها بركعة واحدة، قال: الأقرب الانعقاد (3)، ونحوه الشهيد الثاني في المسالك، حيث خص محل النزاع بتلك الصورة، قال: ولو صرح في نذره أو نوى أحد هذه الأمور المشروعة فلا إشكال في الانعقاد (4) وصرح قبل ذلك بثبوت مشروعية ركعة الوتر، فقال في تعليل المنع بالاجتزاء بها: والركعة نادرة، إذ لم تشرع إلا في الوتر (5). فتأمل.