الكتب، لا تكون لها واقعية خارجية.
وبالجملة: العلوم وسائر الأمور الاعتبارية، لم يكن لها وجود وتحقق إلا في الأذهان والكتب، وبعد انعدامهما لا يبقى لها وجود في الخارج.
فظهر: أن الأمر في المقيس عليه من كلامه (قدس سره) لا يتم فما ظنك في المقيس، فتدبر.
ورابعا: أنه لو سلم أن الأمر في الماهيات ولوازمها هو ما ذكره، لكن لا يتم فيما نحن فيه; ضرورة أن وضع لفظ لمعنى لا يوجب له خاصية واقعية بحيث لا يمكن رفعها، ولا يتصرف الجعل في الواقع; بحيث توجد خاصية واقعية لم تكن قبل الوضع، ولعل إنكاره كاد أن يكون إنكارا للضروري، فهل لا يمكن تغيير الرجل اسمه مثلا، أو اسم من يتعلق به بنحو من الأنحاء؟! وبعد تغييره هل يكون ذلك تصرفا في التكوين والواقع؟! حاشا ثم حاشا.
وخامسا: أنه لو كان الأمر كما ذكره: من أن الوضع: عبارة عن جعل رابطة واقعية بين اللفظ والمعنى، فيلزم أن يكون الواجب تعالى محلا للحوادث، وذاته المقدسة منفعلة من وضع الألفاظ لذاته، ﴿ولله الأسماء الحسنى﴾ (1)، فالواضع متصرف في ذاته المقدسة تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
وسادسا: أنه لو كانت الرابطة بين اللفظ والمعنى موجودة، فلابد وأن تكون: إما في الأذهان أو في الكتب، ولم يكن لنا شيء ثالث في الخارج، حتى نسميه بلوح الواقع، فحديث لوح الواقع لا محصل له.
ثم إن ما يظهر من المحقق الخراساني (قدس سره): من أن الوضع نحو اختصاص للفظ بالمعنى وارتباط خاص بينهما (2).
غير وجيه; لأن هذا الارتباط والاختصاص أمر مترتب على الوضع وأثر له،