كثرات، بل ولا وحدة نوعية أصلية، بل ولا وحدة جنسية كذلك، بل الوحدة وحدة انتزاعية، وهي لم تكن علما، بل منتزعة من عدة أمور متكثرة تكون هي العلم.
وبالجملة: تمايز علم عن علم واقعا لابد وأن يكون بتمام الذات أو بعض الذات، وهذا غير تعريف العلم، فإنه تارة يكون بالذات والذاتيات، وأخرى بالعوارض والمشخصات، وثالثة بالأمور الاعتبارية، والكلام في تمايز العلوم بعضها عن بعض، فتمييزها بترتب الغرض فقط - كما ذهب إليه المحقق الخراساني (قدس سره) (1) - لاوجه له، بل محال أن يمتاز علم عن علم باختلاف الغرض مع عدم الاختلاف في نفس القضية; ضرورة أن ترتب غرض على علم دون آخر، إذا لم يكن لجهة وحيثية في نفس القضية، للزم ترتبه من كل قضية، وهو واضح البطلان، فالامتياز في الغرض مسبوق بالامتياز في نفس القضية، ولا يمكن انتزاع شيء واحد من أمور مختلفة بما هي مختلفة، وإلا يصير الانتزاع جزافيا.
فتحصل: أن تمايز العلوم لا يمكن أن يكون بالأغراض المتأخرة عن مقام ذات العلم، بل لابد وأن يكون في ذاته بنحو من الأنحاء ولو بالحيثية، فلا يمكن أن تذكر مسألة في علمين بلحاظ اختلاف الغرض المترتب عليه فقط; من دون أن يكون اختلاف في نفس المسألتين، فالامتياز بالغرض إنما هو في الرتبة اللاحقة لذات الشيء، فتدبر.
ثم إنه يتوجه على مقال المحقق الخراساني (قدس سره) - من أنه لو كان تمايز العلوم بالموضوعات لا بالأغراض، لزم أن يكون كل باب بل كل مسألة علما على حدة (2) - النقض عليه: بأنه ماذا تعنون بالغرض؟
إما تعنون به الغرض الجامع المترتب على جميع المسائل، أو الغرض المترتب