الآخر وجودا.
فإذن: موضوعات مسائل كل علم أعراض ذاتية لما هو الجامع بين محمولات مسائله وبالعكس، لكن شاع في عقد القضية جعل الأخص موضوعا، والأعم محمولا، مع أن النظم الطبيعي يقتضي جعل ما هو المعلوم من الأمرين موضوعا، والمجهول منهما محمولا، فالموضوع - في الحقيقة - ما هو المعلوم منهما; سواء كان مساويا لما هو المحمول في عقد القضية أو أخص، والمحمول هو تعينه المجهول الذي أريد في القضية إثباته.
فعلى هذا يكون موضوع كل علم: عبارة عن جامع محمولات المسائل; لأنه الذي ينسبق أولا إلى الذهن، ويكون معلوما عنده، فيضعه في وعاء الذهن، ويطلب في العلم تعيناته وتشخصاته التي تعرض له.
مثلا: الوجود - الذي هو جامع محمولات مسائل علم الفلسفة - معلوم عند المتدرب في الفلسفة، فيطلب في الفلسفة عن تعيناته وانقساماته اللاحقة له من الوجوب والإمكان والجوهرية والعرضية والجسمية وهكذا.
فمحصل مسائل ذلك العلم هو أن الوجود المعلوم من خصوصياته وتعيناته وصف الوجوب والإمكان والجوهر والعرض وهكذا، فالوجود في مسائل ذلك العلم وإن كان محمولا في صورة القضية كقولك: الجسم موجود، والجوهر موجود، والكم موجود... وهكذا، إلا أن الموضوع في الحقيقة هو عنوان الموجودية، ولذا تراهم يقولون: إن موضوع ذلك العلم هو الوجود (1).
وكذا ما تكون وجهة نظر الأصولي هي عنوان الحجة في الفقه، وهو موضوع علم الأصول، ويطلب في ذلك العلم عن تعينات الحجة وتشخصاتها من الخبر الواحد