في علمين (1) انتهى.
ولا يخفى أن هذه المطالب إنما يأتي بعد لزوم وجود الموضوع لكل علم، وقد عرفت آنفا عدم لزوم ذلك، وحاصله عدم دليل وبرهان على ذلك; لإمكان أن يبحث في علم عن موضوعات متعددة ومحمولات مختلفة تشترك في أمر واحد انتزاعي.
مثلا: مسائل علم الفقه تشتمل على أحكام تكليفية ووضعية، يختلف بعضها عن بعض في الموضوع والمحمول، وفي الفقه قضايا سلبية، مثل عدم نجاسة بعض الأشياء، وعدم طهارة بعض آخر، وعدم الضمان، وعدم صحة بعض الأمور، وعدم ولاية بعض على بعض... إلى غير ذلك.
والحق - كما سيجيء في محله -: أن القضية السالبة المحصلة لسلب الربط وقطع النسبة، ولا تحتاج القضية السالبة إلى الموضوع ولا إلى القاعدة الفرعية، ومعلوم أنه لا يصدق الغرض بكلا الاصطلاحين - المنطقي (2) والفلسفي (3) - على السلب.
وبالجملة: لا دليل على لزوم وجود الموضوع لكل علم، فضلا عن وحدته، فالالتزام به في جميع العلوم لا معنى له.
نعم: يمكن أن يكون التمايز في بعض العلوم بالموضوع، كما يمكن أن يكون في بعضها الآخر بالمحمول وفي ثالث بغيرهما.
والذي يجب الالتزام به، ويكون معتبرا في جميع العلوم، إنما هو وجود التسانخ التناسب بين مسائل كل علم في جهة من الجهات، مثل كون مسائل علم الفقه راجعة إلى عمل المكلف، ومسائل علم الفلسفة راجعة إلى حقائق الأشياء، وواضح أن هذه الوحدة ليست وحدة حقيقية; لامتناع حصول الواحد الحقيقي من الكثرات بما هي