والشهرة والإجماع والظواهر... إلى غير ذلك، فيقال: الخبر الواحد حجة، والشهرة حجة، والإجماع حجة... وهكذا، ووصف الحجية في تلك المسائل وإن كان محمولا، لكنها هي الموضوع حقيقة; لأنها المعلوم، والمجهول تعيناته، فجميع مسائل علم الأصول يرجع البحث فيها إلى تعيين مصداق الحجة في الفقه.
وليست الحجة في اصطلاح الأصولي عبارة عن الحد الوسط - كما توهم (1) - بل بمعناه اللغوي (2); أي: ما يحتج العبد به على مولاه وبالعكس في مقام إثبات الحكم الشرعي وامتثاله; أي الحجة بالحمل الشائع، فعلى هذا تكون مسألة القطع بقسميه - من التفصيلي والإجمالي - من مسائل الأصول، وكذلك مبحث الاستصحاب، بل ومبحث البراءة من المسائل الأصولية; إذ محصل البحث فيها: هو أن صرف احتمال التكليف هل يكفي لتنجز الواقع، ويصلح احتجاج المولى ومؤاخذته أم لا؟ وهكذا غيرها.
وبالجملة: كل مسألة تكون حيثية البحث فيها حجية أمر من الأمور التي تصلح للحجية، أو يتوهم حجيتها، فهي مسألة أصولية (3).
أقول: لا يخفى أن الماهيات على قسمين:
قسم منها: ماهية أصلية تتحقق بالوجود وتكون مصداقا لحمل الموجود عليه حقيقة، ويتحد معه خارجيا، كماهية الإنسان، فيقال: «الإنسان موجود».
وقسم آخر: ماهية انتزاعية لا وجود لها في الخارج، وإنما الوجود لمنشئه، كمفهوم العرض، فإنه لم يكن له واقعية متأصلة في الخارج، بل ينتزع من قيام كل واحد من المقولات التسع العرضية بموضوعاتها; بداهة أنه لو كان له واقعية وحقيقة في الخارج، يلزم أن تنحصر المقولات العشر في مقولتين: