قولهم: «موضوع كل علم ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية» (1) هو العرض باصطلاح المنطقي لا الفلسفي، فإن العرض باصطلاح الفلسفي: عبارة عن ماهية شأن وجودها في الخارج أن يكون في موضوع، ويقابله الجوهر (2)، والعرض باصطلاح المنطقي: هو الخارج من ذات الشيء المتحد معه في الخارج، والذاتي عندهم ما ليس كذلك (3)، وبين الاصطلاحين بون بعيد.
والعرض باصطلاح المنطقي: قد يكون جوهرا، كالناطق بالنسبة إلى الحيوان، وبالعكس; حيث إن كلا منهما خارج عن ذات الآخر ويحمل عليه، كأنه قد يكون عرضا من الأعراض، فالعرض باصطلاح المنطقي أمر نسبي، فإن الفصل، كالناطق - مثلا - بالنسبة إلى الجنس عرض خاص، وبالنسبة إلى النوع - المؤلف منه - ذاتي.
وأما العرض باصطلاح الفلسفي: فهو أمر ثابت حقيقي منحصر في المقولات التسع العرضية.
ويشهد على كون المراد بالعرض هنا العرض باصطلاح المنطقي: هو أن الفيلسوف الإلهي يرى أن موضوع علمه هو الوجود بما هو موجود، ويبحث في فلسفته عن أن الله تعالى موجود، والجوهر موجود، والجسم موجود... وهكذا، ويرى أن هذه الأبحاث عوارض ذاتية للوجود، ومن المعلوم أنه لم تكن محمولات تلك المسائل ولا موضوعاتها أعراضا باصطلاح الفلسفي، فتكون أعراضا باصطلاح المنطقي.
فعلى هذا يكون كل واحد من الموضوع والمحمول في المسائل الفلسفية عرضا بالنسبة إلى الآخر، مثلا في مسألة «الجسم موجود» يكون كل واحد من الجسمية والوجود، خارجا من ذات الآخر مفهوما; أي لا يكون عينه ولا جزءا له ومتحدا مع