حيثيات تقييدية; لأنها مكثرة للموضوع، وأما لو كانت الجهات حيثيات تعليلية، فلا يتكثر بتكثرها، فيرجع الأمر إلى أن فعل المكلف واجب بواسطة الصلاة - مثلا - وحرام بواسطة الشتم... وهكذا (1).
ولكن فيه: أن هذا لا يطابق الواقع، ولم يلتزم قائله به; وذلك لأن لازمه أن الواجب والحرام هو المعنى الجنسي الجامع بين الصلاة والشتم وغيرهما، لا عنوان الصلاة وعنوان الشتم، وإنما هما واسطتان لتعلق الوجوب أو الحرمة بالمعنى الجنسي، مع أن ضرورة الفقه قاضية بأن الصلاة - مثلا - بعنوانها واجبة، والشتم بعنوانه حرام، وأخذ الموضوع لابد وأن يكون بعد ملاحظة كون هذه العناوين بأنفسها متعلقات للتكاليف.
والذي يسهل الخطب عدم لزوم الالتزام بهذه الأمور، ولم يدل دليل على أن لكل علم موضوعا واحدا، يبحث في ذلك العلم عن عوارضه الذاتية، وتكون نسبته إلى موضوعات مسائله نسبة الكلي إلى مصاديقه.
نعم: قد يكون كذلك كعلم الفلسفة، فإن موضوعه الوجود، ونسبته إلى موضوعات مسائله نسبة الكلي إلى مصاديقه، وقد تكون نسبة موضوعه إلى موضوعات مسائله نسبة الكل إلى أجزائه كعلم الجغرافيا، فإن موضوعه أوضاع الأرض، والبحث عن أوضاع إيران أو العراق - مثلا - بحث عن قطعة منها وجزء من أجزائها.
ولا يبعد أن يكون من هذا القبيل علم الطب، فإن موضوعه بدن الإنسان من حيث الصحة والفساد، وموضوعات أكثر مسائله أعضاء بدن الإنسان.
وواضح أن البحث عن الجزء غير البحث عن الكل، والقول بأن البحث عن الجزء في الحقيقة بحث عن الكل، فيكون البحث عن الجزء من العوارض الذاتية