الأمر، لا يسري إلى الشك في عنوان المأمور به ليسري إلى نفس الأمر; ليكون موردا للبراءة، بل العنوان المأمور به معلوم مبين، والشك إنما هو في حصوله بدون ذلك الشيء، فالمرجع الاشتغال.
وأما إذا تعلق الأمر بعنوان غير مباين ذاتا مع ما يتولد منه، بل يتحد معه ويتحقق بنفس تحققه في الخارج; بحيث يصح حمله عليه، كالطهارة المسببة عن الغسلات والمسحات في الوضوء، فإن الشك في اعتبار كون شيء دخيلا في الوضوء - جزءا أو شرطا - يسري إلى الشك بنفس العنوان المتحد معها خارجا; بحيث يسري إلى الشك بنفس الأمر المتعلق بالوضوء، فيكون موردا للبراءة، فعلى هذا إذا كان الجامع بين أفراد الصلاة الصحيحة عنوانا بسيطا، منتزعا عن تلك الأفراد المختلفة زيادة ونقيصة - بحسب اختلاف الحالات المتحدة معها وجودا - كعنوان الناهي عن الفحشاء مثلا، فالمرجع البراءة، لا الاشتغال (1).
وأما التقريب الذي تفرد به المحقق العراقي (قدس سره): فهو أنه لو كان المأمور به أمرا بسيطا ذا مراتب; يتحقق بعض مراتبه بتحقق بعض الأمور المحصلة له، فإذا شك بدخل شيء آخر في تحقق مرتبته العليا، لكان ذلك الشيء موردا للبراءة أيضا; وإن كان المأمور به مغايرا ومباينا لمحصله بنحو لا يصلح حمله عليه; لأن الشك حينئذ يسري إلى الأمر بالرتبة العليا من ذلك الشيء البسيط، المعلوم تعلق الأمر بالمرتبة الضعيفة منه; لدخولها في المرتبة القوية العليا (2).
وفيه: أنه في كلا التقريبين نظر:
أما التقريب الأول: فلأن عنوان الطهارة - مثلا - يغاير عنواني الغسل والمسح مفهوما ويتحد معهما خارجا، وكذا عنوان الناهي عن الفحشاء، يغاير عناوين التكبير