وثالثا: أنه لو كان مفهوم الصلاة منتزعا، فإنما هو منتزع من حيث وجود المرتبة، لا من حيث ماهيتها، فيبقى الإشكال الذي أورده على نفسه بحاله، وهو لزوم عدم صحة طرو الوجود والعدم على الصلاة، ولا يصح تعلق الأمر بها، ولعل منشأ توهمه (قدس سره) هو ما رأى في بعض الكلمات: من أنه قد ينتزع من الوجود ما يقبل الصدق على الوجود والعدم، ولم يتفطن إلى أن مرادهم بذلك هو حد الوجود، الذي هو عبارة عن الماهية، وهي قابلة للاتصاف بالوجود والعدم، وأنى لها وانتزاع مفهوم من مرتبة من الوجود; لوضوح أن مفهوم الوجود لا يقبل الصدق على العدم؟! فتدبر واغتنم.
ومن الجوامع: الجامع الذي تصوره المحقق الإصفهاني (قدس سره) لأفراد الصلاة مع عرضها العريض، وقال في آخر مقالته: إن تصوير الجامع فيما وضع له «الصلاة» بتمام مراتبها - من دون الالتزام بجامع ذاتي وجامع عنواني، ومن دون الالتزام بالاشتراك اللفظي - مما لا مناص منه بعد القطع بحصول الوضع ولو تعينا.
قال (قدس سره) ما حاصله: إن حقيقة الوجود الخارجي - الذي حيثية ذاته حيثية طرد العدم - تخالف سنخ المعاني والماهيات من حيث السعة والإطلاق، ومتعاكسان، فإن سعة سنخ الماهيات من جهة الضعف والإبهام، وسعة الوجود الحقيقي من جهة فرط الفعلية، فلذا كلما كان الضعف والإبهام في المعنى أكثر كان الإطلاق والشمول أوفر، وكلما كان الوجود أشد وأقوى كان الإطلاق والسعة أعظم وأتم; مثلا: ماهية الإنسان; حيث إنه يشمل بعض الخصوصيات، لا ينطبق إلا على بعض الأفراد والحيوان، يكون الإبهام فيه أكثر، فشموله للأفراد أوفر، وهكذا...
هذا من جانب الماهية.
وأما جانب الوجود فكوجود النبات بالنسبة إلى وجود الحيوان ضعيف، وهو ضعيف بالنسبة إلى وجود الإنسان، وهو ضعيف بالنسبة إلى العقول... وهكذا إلى أن يصل إلى الوجود المطلق، فوجود كل مرتبة بالنسبة إلى ما دونها - لاشتمالها على فرط