بالنسبة إلى المثال فهو قياس مع الفارق; بداهة أن معنى انحلال ماهية الإنسان بالحيوان الناطق: هو أنه إذا لوحظت مراتب سير الإنسان من الهيولى الأولى - والصور العنصرية والجمادية والنباتية والحيوانية - إلى صيرورته إنسانا، فقد يعبر عن تلك المراتب بالعنوان الإجمالي، فيقال: إنه إنسان، وقد يريد تفصيل تلك المراتب، فيقال: «حيوان ناطق»، فحقيقة الإنسانية حقيقة واحدة يعبر عنها في عالم الإجمال بالإنسان، وفي عالم التفصيل بالحيوان الناطق، ومن الواضح أنه لا يمكن تصوير هذا فيما نحن فيه; لأن انتزاع مفهوم الصلاة: إما عن وجود مطابق لهذا الوجود الخارجي، أو عن ماهيته، أو عن مجموع ماهيته ووجوده.
لا سبيل إلى الأول: ضرورة أن الوجود لا يصح أن يكون منشأ لانتزاع غير مفهوم الوجود، ولا يمكن أن ينتزع منه مفهوم صادق على مقولات كثيرة.
ولا يمكن الثاني: لأن انتزاع مفهوم واحد بسيط لا يصح من المتكثرات.
وبعبارة أخرى: المتكثرات - بما هي متكثرات - لا تصح أن تكون منشأ لانتزاع مفهوم واحد بسيط.
وأما الثالث: فهو أسوأ حالا من الأولين; لأنه يرد عليه المحذوران المذكوران في الأول والثاني فتدبر.
مضافا إلى أن الوجود الساري في المقولات اللازم للخصوصيات، لو كان منشأ لانتزاع مفهوم الصلاة، لزم أن يخرج جميع أجزاء الصلاة وشرائطها عن كونها صلاة، وهو كما ترى.
وبعبارة أخرى: الوجود الساري أو الحصة من الوجود المقارنة لهذه المقولات محققة لعنوان الصلاتية، لا ماهية التكبير والقراءة والركوع والسجود... وهكذا، مع أن الضرورة قاضية بخلافه، وأن التكبير وغيره من أجزاء الصلاة.
إن قلت: إن الصلاة عبارة عن الوجود الكذائي، لكنه ينحل ذلك الوجود