عدة من المقولات راجعا إلى نظر المكلف حسبما يشتهي ويقترح، ولا يخفى فساده.
فأجاب: بأن المقصود هي الحصة من الوجود السارية في المقولات، التي أمر الشارع المقدس بها في مثل قوله: «صل»، تلك الحصة المقارنة للمقولات المزبورة.
فأورد على نفسه ثالثا: بأنه على هذا يلزم أن يكون مفهوم الصلاة هي الحصة الكذائية، ولا يخفى فساده.
فأجاب: بأن قولنا: «الصلاة هي الحصة الكذائية» إنما هو بسبب التحليل العقلي، وإلا فمفهوم الصلاة مفهوم بسيط منتزع عن مطابقة الخارجي، فلا يلزم أن يكون مفهوم الصلاة مساوقا لمفهوم الحصة الكذائية، وهذا نظير مفهوم المشتق - كالضارب مثلا - بأنه مفهوم بسيط منتزع عن الذات الصادر منها الحدث، ومع ذلك يحلله العقل بذات ثبت لها الضرب.
ولا يقال: إن مفهوم الضارب هو نفس مفهوم «ذات لها الضرب»، «الإنسان حيوان ناطق»، فإنه ليس المقصود بذلك أن مفهوم الإنسان هو مفهوم الحيوان الناطق; ضرورة أن مفهوم الإنسان مفهوم بسيط، ومفهوم الحيوان الناطق مركب، بل المقصود أنه - عند التحليل والتجزئة العقلية - يرجع معنى الإنسان إلى هذين الجزءين.
فاتضح مما تقدم: أنه يمكن تصوير جامع بسيط غير الجامع الذاتي والعنواني، وهو مرتبة من الوجود الساري في جملة من المقولات، المحدودة من طرف القلة بعدد الأركان، ومن طرف الزيادة بنحو يصح حمله على الواجد لها والفاقد.
وبهذا ظهرت صحة تنظير الجامع في الصلاة - مثلا - بالجامع في مثل الكلمة أو الكلام، فكما أن الجامع بين أفراد الكلمة عبارة عن المركب من جزءين فصاعدا; بنحو يكون ذلك المعنى المركب بشرط شيء من طرف القلة، ولا بشرط من طرف الزيادة، ولذا يصدق مفهوم الكلمة على المركبة من حرفين، وعلى الثلاثة، وعلى الأكثر من