محالة يكون تأثيره فيه من التأثير في الأمر التكويني، وعلى هذا فكيف يعقل أن يكون القيد المتأخر مؤثرا فيه في الزمن المتقدم، فإن الاتصاف إن كان في الزمن المتقدم يستحيل أن يؤثر فيه المتأخر، وإن كان في الزمن المتأخر لزم خلف فرض كونه مشروطا بشرط متأخر، فالنتيجة إن ما أفاده (قدس سره) لو تم فإنما يتم بالنسبة إلى شرط الحكم دون شرط الملاك الذي هو روح الحكم وحقيقته، والمفروض أن ما يكون شرطا للحكم شرعا ومأخوذا في لسان الدليل فهو شرط للملاك أيضا في مرحلة المبادئ ثبوتا، فإنه دعى المولى في أخذه قيدا للحكم في مقام الاثبات ليكون كاشفا عنه في مقام الثبوت. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى أن ما أفاده (قدس سره) مبني على أن يكون للحكم الشرعي مرتبتين:
الأولى: مرتبة الجعل.
الثانية: مرتبة المجعول.
وهي فعلية الحكم بفعلية موضوعه، ولكن قد تقدمت الإشارة وسيأتي تفصيله أن للحكم مرتبة واحدة وهي مرتبة الجعل والمجعول معا، لأن المجعول عين الجعل فلا إختلاف بينهما ذاتا، إلا بالاعتبار كالايجاد والوجود، وأما فعلية الحكم بمعنى الاعتبار بفعلية موضوعه في الخارج فهي غير معقولة، وإلا لزم أن يكون الحكم أمرا خارجيا لا اعتباريا.
والخلاصة أن الحكم الشرعي أمر اعتباري صرف وقائم بالمعتبر قيام صدور في وعاء الاعتبار والذهن ولا يتصور له وعاء آخر وهو فعلي بنفس الاعتبار والجعل، ولا يتصور له فعلية أخرى ووجود ثان، كما لا يعقل تأثره بشئ من الأمر التكويني وإلا لكان تكوينيا ومسببا عن سبب وهو كما ترى،