وحينئذ فلا يخلو الحال فيه عن أمور:
الأول: أن غسل المستحاضة في الليل غير دخيل في ترتب الملاك على الصوم في النهار.
الثاني: أن يكون عدمه دخيلا فيه.
الثالث: أن يكون وجوده دخيلا فيه والكل محال، أما الأول فلأنه خلف فرض كونه قيدا للصوم ودخيلا في ترتب الملاك عليه.
وأما الثاني فلأن تأثير المعدوم في شئ مستحيل، لأن فاقد الشئ لا يمكن أن يكون معطيا.
وأما الثالث فلأنه إن كان مؤثرا في إيجاد المشروط في زمن متقدم، لزم وجوده قبل أن تتم علته وهو محال، وإن كان مؤثرا فيه في ظرفه، لزم وجوده بعد انقضاء مقتضية وهو كما ترى.
وأما في المقام الثاني فلأن جعل الحكم على شئ سعة وضيقا وإن كان بيد المولى ولا يكون خاضعا لأمر تكويني، إلا أن هذا الجعل لا يمكن أن يكون جزافا وبدون نكتة، فإذا أخذ المولى قيدا في مرحلة الجعل في لسان الدليل كالاستطاعة مثلا، فلا يمكن أن يكون ذلك بدون مبرر ثبوتي والمبرر الثبوتي له هو دخل ذلك القيد في اتصاف الفعل بالملاك في مرحلة المبادئ ثبوتا، فإنه دعى المولى في أخذه قيدا للحكم في مرحلة الاثبات وإلا فلا موجب له ويكون لغوا، باعتبار أن الملاك هو حقيقة الحكم وروحه، وغرض المولى بيان ما له دخل فيه وشرط لاتصاف الفعل به في هذه المرحلة وأخذه قيدا للحكم في مرحلة الجعل إنما هو بالتبع وبغرض الإشارة إليه، ومن هنا لا يعقل أن يكون الشئ شرطا للوجوب بدون أن يكون شرطا لاتصاف الواجب بالملاك ورائه أي في مرحلة المبادئ، وحيث إن الاتصاف أمر تكويني فلا