يحصل بعد فقدان ذلك المقتضي، وهذا الأثر الذي يبقى بعد فقدان المقتضي هو المقتضى للنتيجة المطلوبة، وأما بقاء هذا الأثر بعد زوال مؤثره إنما هو بمؤثر آخر، فإن علة حدوثه غير علة بقائه وهذا لا مانع منه، فإن في كثير من الأشياء علة حدوثها غير علة بقائها كالعمارات والبنايات مثلا، فإن علة حدوثها حركة أيدي العمال والفنانين، وأما علة بقائها فهي تماسك أجزائها بعضها مع بعضها الآخر من ناحية، والقوة الجاذبية العامة التي تحفظ على وضعها من ناحية أخرى.
ونتيجة هذا البيان أن ما هو الشرط في الحقيقة مقارن للمأمور به وليس بمتأخر، فإذا صح ذلك في الأمور التكوينية فليكن الأمر كذلك في الأمور التعبدية (1).
ويمكن المناقشة فيه بتقريب أن هذا البيان وإن كان تاما في كل المقتضيات من الأمور التكوينية التي يظهر أثرها في زمان تحقق الشرط المتأخر وبعد فقدان المقتضي كشرب الدواء، فإنه يوجد أثرا في جسم المريض، وهذا الأثر يبقى بعد انقضاء شرب الدواء ويرفع المرض بالتدريج شريطة أن لا يصادم بالمانع عن تأثيره كتعرضه للبرد أو أكله الحامض أو غير ذلك، ولكن لا يمكن تطبيق ذلك على الأمور التعبدية، وذلك لأن فرض أن صوم المستحاضة مثلا أوجد أثرا وذلك الأثر يبقى بعد انقضاء الصوم إلى زمان غسلها في الليل وهو بمثابة المقتضي، فإذا ظل إلى زمان الشرط فبالمجموع تكتمل العلة التامة للمصلحة المطلوبة مجرد فرض كأنياب الأغوال، والنكتة فيه أن الصوم الذي مضى وانقضى، قد تسأل هل هو وقع صحيحا أو باطلا وكلاهما لا يمكن، أما الأول فلأنه خلف فرض كون صحته مشروطة بالغسل