الجعل تقييد موضوع الحكم بقيد مقارن فكذلك له تقييده بقيد متأخر.
وقد أفاد في وجه ذلك أن الأحكام الشرعية أمور اعتبارية ولا واقع موضوعي لها ما عدا اعتبار من بيده الاعتبار ولا صلة لها بالموجودات الخارجية المتأصلة أبدا، لأنها خاضعة لعلتها الواقعية، فلا يمكن تعلق الجعل بها بينما الأحكام الشرعية خاضعة لاعتبار المعتبر وصفا ورفعا، ولا يمكن خضوعها للموجودات الخارجية وإلا لكانت خارجية، ومن هنا يظهر أن موضوعات الأحكام الشرعية وإن كانت من الأمور التكوينية الخارجية إلا أنه لا تأثير لتلك الموضوعات في الأحكام الشرعية، هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى أن فعلية الأحكام وإن كانت دائرة مدار فعلية موضوعاتها بتمام قيودها وشرائطها في الخارج إلا أن لازم ذلك ليس تقارنهما زمانا، والسبب فيه هو أن ذلك تابع لكيفية جعلها في الخارج، فإن كان مجعولا على موضوع مقيد بقيد مقارن كانت فعليته مقارنة لفعلية القيد وإن كان مجعولا على موضوع مقيد بقيد متأخر، كانت فعليته متقدمة على فعلية القيد، وكل ذلك بمكان من الإمكان بعد ما عرفت من أنه لا واقع موضوعي للحكم الشرعي غير اعتبار من بيده الاعتبار، فإذا كان أمره بيده وصفا ورفعا وسعة وضيقا، كان له جعله بأي نحو وبشكل أراد وشاء، فلو كان جعله على النحو الأول فلا محالة تكون فعلية الحكم مقارنة لفعلية موضوعه، ولو كان جعله على النحو الثاني فلا محالة تتقدم فعلية الحكم على فعلية موضوعه وإلا لزم الخلف، ونتيجة ما أفاده (قدس سره) أمران:
الأول: أن مرد كون شئ شرطا للمأمور به إلى تقييده به وأنه حصة خاصة وهي الحصة المفيدة به.
الثاني: أن الشرط في باب التشريعيات بمعنى آخر بينما الشرط في باب