السادسة: أن مقتضى الأصل العملي في المسألة يختلف باختلاف الفروض، فإذا شك في وجوب الوضوء وأنه مطلق أو مشروط بوجوب الصلاة ، ففي مثل ذلك إن لم يكن وجوب الصلاة فعليا فالمرجع أصالة البراءة عن وجوبه النفسي، وإن كان فعليا فقد ذهب السيد الأستاذ (قدس سره) إلى عدم جريان أصالة البراءة عن وجوبه للعلم التفصيلي به والعقاب على تركه على كل تقدير، وحينئذ فلا مانع من جريان أصالة البراءة عن وجوب الصلاة ولا معارض لها، ولكن تقدم أنها معارضة بأصالة البراءة عن وجوبه النفسي للعلم الاجمالي إما بوجوب حصة خاصة من الصلاة وهي الصلاة المقيدة بالوضوء أو وجوب الوضوء نفسيا، وأصالة البراءة عن وجوب الأولى معارضة مع أصالة البراءة عن وجوب الثاني، ودعوى أن أصالة البراءة عن وجوب الوضوء لا تجري للعلم التفصيلي بالعقاب على تركه على كل تقدير أي سواء أكان واجبا نفسيا أم كان قيدا لواجب أخر كالصلاة، فعلى الأول يكون العقاب على ترك نفسه، وعلى الثاني على ترك الصلاة باعتبار أن تركه يستلزم تركها، فإذن لا مانع من جريان أصالة البراءة عن وجوب الصلاة، مدفوعة بأن العلم التفصيلي بالعقاب إنما هو على ترك الوضوء الجامع بين ترك نفسه وترك الصلاة، فإذن يرجع هذا العلم التفصيلي إلى العلم الاجمالي بالعقاب إما على ترك الوضوء أو على ترك الصلاة، فإذا فرض جريان أصالة البراءة عن وجوب الصلاة فهي تدفع احتمال العقاب على تركها من ناحية كون الوضوء قيدا لها فيبقى احتمال العقاب على تركه من ناحية كونه واجبا نفسيا.
والخلاصة أن العلم التفصيلي بالعقاب على ترك الوضوء على كل تقدير لا يجتمع مع أصالة البراءة عن وجوب الصلاة لأنها تدفع احتمال العقاب على تقدير كونه قيدا.