وأما التعليق على الجواب الثاني، فلأنه لا فرق بين القول بأن الأمر موضوع مادة وهيئة للدلالة على الوجوب بالوضع كما هو المعروف والمشهور بين الأصحاب وهو الصحيح، والقول بأن الأمر موضوع للدلالة على إبراز الأمر الاعتباري النفساني لا على الوجوب فإنه بحكم العقل، وعلى كلا القولين لا يتصور الاندكاك بين الحكمين في مورد الاجتماع، بلا فرق في ذلك بين أن يكون الحكم مدلولا للأمر وضعا أو مدلولا للعقل، فإنه على الأول أمر اعتباري لا واقع له حتى يتصور فيه الاندكاك والتفاعل كما عرفت، وعلى الثاني أمر انتزاعي لا وجود له في الخارج أيضا لكي يتصور فيه التفاعل والاندكاك.
وأما التعليق على الجواب الثالث، فلأن المحقق النائيني (قدس سره) إنما بنى على استحالة أخذ قصد الأمر في متعلقه بالأمر الأول دون الأمر الثاني على أساس أنه (قدس سره) يرى أن التقابل بين الاطلاق والتقييد من تقابل العدم والملكة، فاستحالة التقييد تستلزم استحالة الاطلاق، وحيث إن الاهمال في الواقع غير معقول فلابد من الالتزام بمتمم الجعل الذي تكون نتيجته إما الاطلاق أو التقييد، فإذن لا مانع من أخذ قصد القربة في متعلق الأمر الاستحبابي بالطهارات الثلاث بالأمر الثاني الذي هو متمم للأمر الأول، ولهذا التزم (قدس سره) بالاندكاك فيها بتقريب أن متعلق الأمر الاستحبابي والأمر الوجوبي واحد وهو حصة خاصة من الطهارات الثلاث المقيدة بقصد القربة، فإذن يكون الجواب المذكور في غير محله هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى أن الذي يرد على المحقق النائيني (قدس سره) زائدا على ما تقدم أنه لا يتصور في الطهارات الثلاث الاندكاك والتفاعل بين ملاك الاستحبابي النفسي وملاك الوجوب الغيري في مرحلة المبادي، وذلك لأن