في مرحلة الجعل غير متصور، إذ ليس في هذه المرحلة إلا جعل الحكم واعتباره من المولى مباشرة ولا يعقل فيها تأثر الحكم بمبادئه وكونه معلولا لها، لأنها غاية لجعله وداعية إليه ولولاها كان جعله لغوا، ولهذا يكون أمرا اعتباريا مع أن مبادئه من الأمور التكوينية، وقد مر أن الاندكاك والتفاعل بين الأمور الاعتبارية التي لا واقع موضوعي لها إلا في عالم الاعتبار غير ممكن لأنها ليست في الخارج لكي يعقل التأثير والتأثر فيها، وأما في مرحلة الفعلية فلا حكم في هذه المرحلة حتى يندك أحدهما بالآخر ويقوله منهما حكم ثالث أقوى وآكد، وإنما الموجود فيها فاعليته ومحركيته بحكم العقل نحو الامتثال والإطاعة وهي أمر تكويني وليست مجعولة من قبل الشرع وعلى هذا ففي مورد الاجتماع بين الدليلين كانت النسبة بينهما عموما من وجه أو المطلق في مرحلة الفعلية ليس إلا فاعلية كلا الحكمين المجعولين ومحركيتهما فيه بحكم العقل بنحو أقوى وآكد من فاعلية ومحركية كل منهما على حده باعتبار أن الملاك فيه أقوى من الملاك في موارد الافتراق، وأما الحكم فقد مر أنه لا وجود له في هذه المرحلة حتى يتصور فيه الاندكاك.
فالنتيجة أن ما أفاده السيد الأستاذ (قدس سره) من اندكاك أحد الحكمين بالآخر في مورد الاجتماع واكتساب كل منهما عن الآخر ما هو فاقد له لا يمكن المساعدة عليه، وعلى هذا فلا موضوع لاندكاك استحباب الطهارات الثلاث النفسي بوجوبها الغيري لا في مرحلة الفعلية، إذ لا وجود لهما في هذه المرحلة لكي يندك أحدهما بالآخر. نعم الاندكاك بينهما في هذه المرحلة إنما هو بين فاعلية كل منهما مع فاعلية الآخر في مورد الاجتماع ولا في مرحلة الجعل، فإنهما في هذه المرحلة وإن كانا موجودين، إلا أنك عرفت عدم تعقل الاندكاك فيها.