وبذلك يكتسب الوجوب صفة العبادة فيصبح الأمران أمرا واحدا وجوبيا عباديا، فالنتيجة نفس النتيجة والاختلاف إنما هو في التقريب.
الثالث: أن ما ذكره المحقق النائيني (قدس سره) من الاندكاك لا يتم على مبناه في باب التعبدي والتوصلي وهو عدم إمكان أخذ قصد القربة في متعلق الأمر وعلى هذا فحيث أن متعلق الأمر الاستحبابي ذات الطهارات الثلاث بدون تقيدها بقصد القربة، ومتعلق الأمر الغيري الطهارات الثلاث مع تقيدها بقصد القربة، باعتبار أنها مقدمة بملاك كونها عبادة لا مطلقا فلا مقتضى للإندكاك، لأن المقتضى له إنما هو فيما إذا كان متعلق كلا الأمرين واحدا ذاتا وحقيقة، وأما إذا كان متعلق أحدهما غير متعلق الآخر فلا موضوع له، والمقام كذلك لأن متعلق الأمر الاستحبابي كما عرفت غير متعلق الأمر الوجوبي، وعليه فلا مقتضى لاندكاك أحدهما في الآخر بل هو محال، لأن لازم ذلك أن يكون له متعلق واحد مع أنه متعدد (1)، ولنا تعليق على هذه الأجوبة.
أما على الجواب الأول فلأن الاندكاك والتفاعل بالفعل والانفعال والتأثير والتأثر لا يتصور في الأمور الاعتبارية التي لا واقع موضوعي لها ما عدا وجودها في عالم الاعتبار والذهن، وحيث إن الأحكام الشرعية أمور اعتبارية وأمرها وضعا ورفعا بيد الشارع مباشرة ولا وجود لها إلا عالم اعتبارها فلا يتصور فيها الاندكاك والتفاعل بالفعل والانفعال والتأثير والتأثر، بداهة أنه لا يعقل اندكاك اعتبار في اعتبار آخر وتولد اعتبار ثالث منهما، إذ لا واقع له حتى يعقل فيه ذلك مع أنه خلف فرض كونه قائما بالمعتبر مباشرة، نعم إن ذلك يتصور في الموجودات التكوينية الخارجية، فإذا امتزج مائع أسود مثلا