معناه زوال حد كل من الأمرين واكتساب كل منهما عن الآخر ما هو فاقد له، فالأمر الاستحبابي حيث إنه فاقد للوجوب فيكتسب من الأمر الوجوبي جهة الوجوب، والأمر الوجوبي حيث إنه فاقد لجهة العبادية فيكتسب من الأمر الاستحبابي العبادي تلك الجهة فيصبح الأمران أمرا واحدا وجوبيا عباديا بالاندكاك، وهذا هو منشأ عباديتها، ونظير ذلك ما إذا نذر الوضوء أو الغسل، فإن الأمر الجائي من قبل النذر المتعلق به أمر توصلي وبالاندكاك والتفاعل بينه وبين الأمر الاستحبابي المتعلق به يكتسب كل منهما عن الآخر ما هو فاقد له، فيصبح الأمران أمرا واحدا وجوبيا عباديا أقوى من كل منهما بحده الخاص، فإذن لا إشكال من هذه الناحية.
الثاني: أنه لا اندكاك ولا تفاعل بين الأمرين أصلا بناء على ما هو الصحيح من أن الأمر مادة وهيئة موضوع للدلالة على قصد إبراز الأمر الاعتباري النفساني، بلا فرق في ذلك بين الأمر الوجوبي والأمر الاستحبابي، باعتبار أن الوجوب والاستحباب كليهما خارجان عن مدلول الأمر وضعا، فإذا صدر أمر من المولى كان يدل وضعا على قصد إبراز الأمر الاعتباري النفساني، وحينئذ فإن كانت هناك قرينة على جواز الترك انتزع منه الاستحباب فيكون الأمر استحبابيا، وإلا انتزع منه الوجوب فيكون الأمر وجوبيا، وعليه فيكون الاستحباب منتزعا بحكم العقل من القرينة، والوجوب منتزعا من مولوية الأمر طالما لم تكن قرينة على الترخيص وجواز الترك، وعلى هذا فالوجوب والاستحباب كلاهما خارج عن مدلول الأمر وضعا، فإذن لا إندكاك ولا تفاعل بين الأمرين في المدلول الوضعي وإنما الاندكاك والتفاعل بينهما في الصفة الخارجية عن المدلول الوضعي لهما وهي صفة الاستحباب فإنها تندك في الوجوب، على أساس أن الضعيف يندك في القوي