والمفروض أنه في المقام محرز بالوجدان فلابد من ترتيب أثره عليه، وأما الابتلاء الواقعي فبما أنه لا أثر له فلا يجري استصحاب عدمه (1).
وقد ناقش السيد الأستاذ (قدس سره) في كلا الوجهين:
أما الوجه الأول، فقد ذكر (قدس سره) أنه لا فرق في حجية الاستصحاب بين أن يكون المشكوك لاحقا والمتيقن سابقا كما هو الغالب أو بالعكس، فإن الملاك في حجية الاستصحاب عدم جواز نقض اليقين بالشك ولا خصوصية لأن يكون الشك في بقاء اليقين السابق، لأن دليل الاستصحاب دليل ارتكازي ومفاده عدم جواز رفع اليد عن الأمر المبرم بغير المبرم، وليس دليلا تعبديا محضا حتى يقال أنه لابد من الاقتصار على مورده، والخلاصة أنه لا فرق في جريان الاستصحاب بين أن يكون الشك فعلا في بقاء الأمر السابق أو يكون مستقبلا في بقاء الأمر الحالي.
وأما الوجه الثاني، فقد ذكر (قدس سره) أن الحكم العقلي وإن لم يكن قابلا للتخصيص إلا أنه قابل للتخصص والخروج الموضوعي، بمعنى أنه قابل للرفع بارتفاع موضوعه، فإن رفع العقاب المحتمل وقبح العقاب بلا بيان من القواعد العقلية التي استقل العقل بها ومع ذلك فهي قابلة للرفع بارتفاع موضوعها، فإن المولى إذا جعل الترخيص في مورد القاعدة الأولى ارتفعت القاعدة بارتفاع موضوعها وجدانا وهو احتمال العقاب، وإذا جعل البيان في مورد القاعدة الثانية ارتفعت القاعدة الثانية بارتفاع موضوعها كذلك وهو عدم البيان (2)، فالنتيجة أن القاعدة العقلية قابلة للرفع بارتفاع موضوعها وإن لم تكن قابلة