مباشرة بل إلى أن ملاكات الأحكام الشرعية تامة في ظرفها، فإذا كانت كذلك وجب الحفاظ عليها وعدم جواز تفويتها عقلا، وعلى هذا فأدلة وجوب التعلم وإن كانت صورة إنشاء إلا أنها في الحقيقة إخبار عن تمامية ملاكات الأحكام الشرعية في الواقع، فتكون منشأ لحكم العقل بوجوب التعلم والفحص والحفاظ عليها وعدم جواز تفويتها.
وأما الاحتمال الثاني، وهو الوجوب الطريقي فإن الغرض من جعله هو تنجيز الواقع عند الإصابة والتعذير عند الخطأ كحجية الأمارات على الطريقية، فإن شأنها تنجيز الواقع إذا أصابت والتعذير إذا أخطأت، ومن هنا يكون وجوب الاحتياط في الشبهات الحكمية بعد الفحص على تقدير ثبوته وجوبا طريقيا وبيانا على الأحكام الواقعية وكاشفا عن اهتمام الشارع بها حتى في حال الجهل بها، وأنه لا يرضى بتفويتها حتى في هذه الحالة ومنجزا لها بمعنى أن العقاب على تركها حينئذ يكون مع البيان.
وكذلك الحال في وجوب التعلم الذي هو مفاد الأدلة المذكورة فإنه وجوب طريقي ودال على اهتمام الشارع بالأحكام الواقعية وتمامية ملاكاتها في ظرفها، وأنه لا يجوز تفويتها بحال حتى في حال الشك والجهل بها، ووجوب تحصيل القدرة عليها قبل الوقت إن لم يتمكن منه بعد الوقت، ومنجز لها بمعنى أن العقاب على تركها في وقتها معه لا يكون بلا بيان بل مع البيان كما هو مقتضى قوله (عليه السلام): " هلا تعلمت "، وإن شئت قلت أن للوجوب الطريقي الشرعي أثرين:
الأول: أنه بيان على الواقع ومنجز له ويكون العقاب على تركه حينئذ مع البيان لا بلا بيان.
الثاني: أنه كاشف عن اهتمام الشارع بالحفاظ على الأحكام الواقعية