الثاني: أن الأدلة الدالة على وجوب التعلم من الآيات (1) والروايات (2) تشمل باطلاقها صورة الشك في الابتلاء بالأحكام الشرعية في ظرفها ولا تختص بصورة العلم بالابتلاء، لأن مقتضى إطلاقها وجوب تعلم جميع الأحكام الشرعية سواء علم المكلف بالابتلاء بها أم لم يعلم، لأن موضوع تلك الأدلة الأحكام الشرعية ومفادها وجوب تعلمها، وأما كون المكلف عالما بالابتلاء بها أو غير عالم به فهو أجنبي عن موضوعها ولا يكون مقيدا بالعلم بالابتلاء بها هذا، وللمناقشة في كلا الدليلين مجال.
أما الدليل الأول وهو حكم العقل، فالاستدلال به في غير محله، وذلك لأن العقل بقطع النظر عن الكتاب والسنة الدالين على وجوب تعلم الأحكام الشرعية قبل الابتلاء بها لا طريق له إلى ملاكات الأحكام الواقعية حتى يحرز أنها تامة حتى من ناحية التعلم قبل الوقت، فلذلك لا موضوع لحكم العقل في المقام.
وأما الدليل الثاني وهو إطلاق الأدلة من الآيات والروايات، فيرد عليه أنها لا تشمل صورة الشك في الابتلاء لأنها مختصة لبا وواقعا بالأحكام التي يكون مورد الابتلاء في الواقع، ولهذا لا تدل على وجوب تعلم الأحكام المختصة بالنساء على الرجال وبالعكس، بل لو علم شخص من جهة عجزه البدني كالمشلول أنه لا يقدر على الحج طول عمره مباشرة لم يجب عليه تعلم أحكامه لعدم إطلاق لها من هذه الناحية، والنكتة في ذلك أن مناسبة الحكم والموضوع الارتكازية القطعية قرينة عرفية على أنها متجة إلى من تكون