الثالثة: القول بأن وجوب الاتيان بالمقدمات المفوتة قبل وقت الواجب مبني على مسلك الشيخ (رحمه الله) من إنكار الواجب المشروط ورجوع العقد إلى الواجب دون الوجوب فالوجوب مطلق، فإذا كان مطلقا ترشح منه الوجوب على مقدماته المفوتة غير سديد، لما تقدم من أن الشيخ (رحمه الله) لا ينكر الواجب المشروط في الشريعة المقدسة نهائيا وإنما أنكر رجوع القيد في القضية الشرطية إلى مفاد الهيئة باعتبار أنه معنى حرفي، وأما تقييد الوجوب إذا كان مفاد الجملة الاسمية أو مادة الأمر، فلا مانع منه لأنه معنى اسمي، وعليه فإذا كان هناك دليل على تقييده فلابد من الأخذ به، هذا إضافة إلى أن المبنى غير صحيح.
الرابعة: القول بأن وجوب المقدمات المفوتة وجوب نفسي تهيئ ناشئ إما من ملاك في نفس تهيئ المكلف أو من ملاك في الواجب الثابت قبل وقته غير صحيح، لما تقدم من أن تصويره ثبوتا وإن كان ممكنا إلا أن إتمامه بالدليل لا يمكن.
الخامسة: أن الواجب منذ الغروب ليس هو الصوم الاستقبال في النهار بل الواجب سد باب عدم الصوم في النهار منذ الليل، وهذا السد واجب من الليل، ومن الواضح أن مقتضى وجوبه أن الغسل من الجنابة في الليل وقبل أن يطلع الفجر واجب وكذلك الغسل من الحيض، وإلا لم يسد باب العدم منذ الليل.
ولكن تقدم أولا أن هذه المحاولة مبنية على استحالة الواجب المعلق والمشروط معا، وثانيا أنها لو تمت فإنما تتم إذا كان طلوع الفجر شرطا للترتب فقط لا له وللاتصاف معا، وثالثا أن الصوم مثلا لو كان متصفا بالملاك منذ رؤية الهلال، كان العقل مستقلا بالحفاظ عليه وسد جميع أبواب العدم بالاتيان بالمقدمات المفوتة، وعلى هذا فوجوب السد غيري من أجل الحفاظ