البلوغ ولا ملاك، لأن الحكم بتمام مراحله من مرحلة المبادئ إلى مرحلة الجعل مشروط بالبلوغ فلا أثر له قبله، وأما بعده فللعجز وعدم القدرة، فإذن لا يكون الحكم بما له من الملاك فعليا في حقه لا قبل البلوغ ولا بعده، فإذا لم يكن فعليا في حقه فلا طريق لنا إلى إحراز أن ملاكه فعلي، وعليه فلا يكون الصبي مشمولا لقاعدة أن الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى أن هذا الحديث وارد على حكم العقل بوجوب التعلم قبل البلوغ إذا علم بأنه لا يتمكن منه بعده، وذلك لأن العقل إنما يحكم بذلك لدفع العقاب المحتمل على ترك التعلم، والمفروض أن الحديث المذكور رافع لاحتمال العقاب ومعه يرتفع حكم العقل بارتفاع موضوعه (1) هذا.
وذهب بعض آخر إلى الوجه الأول وهو وجوب التعلم قبل البلوغ إذا علم بأنه لا يتمكن منه بعد البلوغ، مثلا من لم يتعلم الصلاة بما لها من الأجزاء والشرائط قبل البلوغ فلا يقدر على تعلمها بعده في ضمن ساعات ولا سيما بالنسبة إلى غير أهل اللسان، بدعوى أن المرفوع بحديث الرفع الالزام كوجوب الصلاة مثلا، فإنه قابل للرفع دون الملاك في مرحلة المبادئ باعتبار أنه أمر تكويني غير قابل لا للرفع ولا للوضع شرعا، فالنتيجة أن الحديث يدل على أن المرفوع عن الصبي وجوب الصلاة لأملاكه، فإذا ظل ملاكها على حاله لم يجز تفويته، وحيث إنه منوط بالقدرة المطلقة فيجب على الصبي تحصيل القدرة قبل البلوغ إذا لم يتمكن من تحصيلها بعده هذا، والتحقيق في المقام أن يقال أن المتفاهم العرفي من حديث رفع القلم بقرينة وروده في مقام الامتنان أن المقتضى للتشريع موجود، ولكن هذا المقتضى ليس بنحو يتطلب من الصبي تحصيل القدرة