عنده من الماء إذا أهرق لم يجد ماء آخر بعد الوقت، ففي مثل ذلك لا يجب عليه الوضوء في الأول ولا حفظ الماء في الثاني، لأنه إذا دخل عليه الوقت، فإن تمكن من الوضوء أو الغسل فهو، وإلا فوظيفته التيمم والصلاة معه.
وأما القسم الثالث وهو ما كان مشروطا بالقدرة الخاصة فمن أظهر مصاديقه مراتب الصلاة من المرتبة العليا إلى المرتبة الدنيا، فإن كل مرتبة من مراتبها مشروطة بالقدرة الخاصة، فإذا دخل وقت الصلاة فإن تمكن من الصلاة مع الطهارة المائية أو القيام أو غير ذلك فهو، وإلا فتنتقل وظيفته إلى الصلاة مع الطهارة الترابية أو مع الجلوس وهكذا.
فالنتيجة الظاهر وهو أن اتصاف طبيعي الصلاة بالملاك في مرحلة المبادئ تام مطلقا حتى من قبل مقدماتها وقيودها المفوتة، فإذا لم يتمكن من تحصيلها في الوقت وجب تحصيلها قبله، بينما القدرة المعتبرة في اتصاف كل مرتبة من مراتبها بالملاك في مرحلة المبادئ، قدرة خاصة من قبل مقدماتها وقيودها وهي القدرة عليها بعد الوقت.
تحصل مما ذكرناه أن وجوب الاتيان بالمقدمات المفوتة قبل وقت الواجب في باب الحج والصوم والصلاة لا يتوقف على القول بامكان الواجب المعلق أو المشروط بالشرط المتأخر، بل يجب الاتيان بها مطلقا على جميع المذاهب والآراء في المسألة، سواء على الرأي القائل بامكان الواجب المعلق والمشروط بالشرط المتأخر أم على الرأي القائل باستحالتهما كما هو الصحيح، فإنه على هذا القول وإن لم يكن بإمكان المولى الخطاب فعلا بنحو الواجب المعلق أو المشروط بالشرط المتأخر، ولكن بامكانه الإشارة إلى تمامية الملاك والإرادة في وقته مطلقا بلسان الإخبار أو الكناية. وعلى هذا فلا يجوز للمكلف تعجيز نفسه بترك الاتيان بالمقدمات المفوتة قبل الوقت، فإنه في هذه الحالة إذا دخل