باب مستقل ولا يرتبط بباب المصلحة والمفسدة، ولهذا لا يجري باب التزاحم بين القبح والمصلحة والحسن والمفسدة، فالعدل لا يكون قبيحا مهما ترتبت عليه مفسدة طالما هو عدل والظلم لا يكون حسنا مهما ترتبت عليه مصلحة طالما هو ظلم، فلو كان الحسن مجعولا من قبل العقلاء على الفعل فيه مصلحة والقبح مجعولا على فعل فيه مفسدة، فمعناه أن القبح لا يكون مجعولا على فعل فيه مصلحة أو لا مصلحة فيه ولا مفسدة والحسن على فعل فيه مفسدة أو لا مفسدة فيه ولا مصلحة، كما هو الحال في حكم اشارع بالوجوب أو الحرمة، فإن الوجوب غير مجعول على فعل فيه مفسدة والحرمة على فعل فيه مصلحة مع أن الأمر ليس كذلك، فإن القبح موجود عقلا في باب الانقياد كذلك مع أنه لا مصلحة فيه بل ربما تكون فيه مفسدة، وبكلمة أنه (قدس سره) إن أراد بجعل الحسن والقبح من قبل العقلاء، أن حسن كل فعل أو قبحه مجعول من قبلهم تبعا للمصلحة أو المفسدة فيه، فيرد عليه ما تقدم من أن ارتباط الحسن والقبح بالمصلحة والمفسدة خلاف الوجدان، وهذا دليل على أن باب الحسن والقبح باب مستقل لا صلة له بباب المصلحة والمفسدة، غاية الأمر قد تجمع البابان في مورد وهذا من باب الاتفاق لا من باب الارتباط، وإلا لم يكن بينهما مورد افتراق أصلا، وإن أراد (قدس سره) به أن حسن العدل وقبح الظلم مجعولان من قبل العقلاء على أساس مصلحة عامة وهي تحقيق العدالة الاجتماعية لا بقاء النوع، فيرد عليه ما تقدم من أنه خلاف الوجدان والضرورة أيضا، بداهة أن قضية حسن العدل وقبح الظلم من القضايا الفطرية الأولية التي يدركها العقل البشري بالفطرة والوجدان كان هناك عقلاء أم لا، وليست من القضايا الانشائية المجعولة من قبل العقلاء التي لا واقع لها ما عدا إنشائها وجعلها.
فالنتيجة أن ما أفاده المحقق الأصفهاني (قدس سره) من أن قضية الحسن والقبح من القضايا المجعولة من قبل العقلاء كسائر مجعولاتهم العقلائية، غير تام.