الجعل هي الأشياء بوجوداتها اللحاظية الذهنية لا بوجوداتها الخارجية، إذ لا يعقل أن يكون جعل الحكم متأثرا بالأشياء بوجوداتها الخارجية وإلا كان خارجيا وهذا خلف، وعلى هذا فلا يتصور أن يكون الحكم مشروطا بشرط متأخر، لأن الشرط وجود الشئ لحاظا وتصورا وهو مقارن وإن كان متأخرا خارجا أو متقدما، فإذن ما هو شرط ليس بمتأخر وهو الوجود الذهني وما هو متأخر ليس بشرط وهو الوجود الخارجي هذا من ناحية.
و من ناحية أخرى أن فعلية فاعلية الحكم ومحركيته نحو الاتيان بمتعلقه، حيث إنها تكون من الأمور الواقعية التكوينية، فلا يمكن أن تكون مشروطة بشرط متأخر، لاستحالة تأثير المتأخر في المتقدم على تفصيل قد مر.
لحد الآن قد استطعنا أن نخرج بهذه النتيجة، وهي أن شروط الحكم بما أنها من الأمور الذهنية اللحاظية فلا يتصور فيها الشرط المتأخر، فإنه إنما يتصور فيما إذا كان الشئ شرطا بوجوده الخارجي، وأما اتصاف الفعل بالملاك في مرحلة المبادئ، فحيث إنه من الأمور التكوينية، فلا يمكن أن يكون مشروطا بشرط متأخر وكذلك فعلية فاعلية هذا الحكم في الخارج.
وأما الواجب المعلق الذي يكون مقيدا بالوقت المتأخر، فإن كان الوقت شرطا لاتصاف الفعل بالملاك في مرحلة المبادئ أيضا، فقد تقدم أنه مستحيل لاستحالة كون الاتصاف مشروطا بشرط متأخر، وإما إذا لم يكن شرطا للاتصاف ودخيلا فيه وإنما هو شرط لترتب الملاك على الواجب في الخارج، فعندئذ إن كان الفعل متصفا بالملاك مطلقا في مرحلة المبادئ ولكن ترتبه عليه منوط بدخول الوقت، فهل يقتضي ذلك جعل الوجوب مطلقا أو لابد من جعله مشروطا بدخول الوقت بنحو الشرط المتأخر.
والجواب أن كليهما لا يمكن، أما الأول فقد تقدم أنه يستلزم التكليف