الأولى: مرتبة الجعل.
الثانية: مرتبة المجعول.
وهي فعلية الحكم بفعلية موضوعه، ولكن قد تقدم موسعا أن للحكم مرتبة واحدة وهي مرتبة الجعل والاعتبار على أساس أن الحكم أمر اعتباري وليس له واقع وراءه يتحقق بنفس الجعل والاعتبار، والمجعول به عين الجعل ولا يمكن التفكيك بينهما كالايجاد والوجود في التكوينيات، ولا يعقل أن تكون للمجعول به مرتبة أخرى، ضرورة أنه عين الجعل ذاتا وحقيقة، ولا فرق بينهما إلا بالاعتبار، ووجود الحكم إنما هو بنفس وجود الجعل والاعتبار ولا يتصور له وجود آخر، وأما وجوده بوجود موضوعه في الخارج فهو بمعنى وجود فاعليته ومحركيته نحو الاتيان بالمأمور به وليس من مراتب الحكم، ضرورة أنه ليس بيد الشارع بل هو مسبب عن الأسباب الخارجية كوجود موضوعه فيه، فلو كان من مراتب الحكم فلازمه أن يكون الحكم من الأمور الخارجية وهو كما ترى، إلى هنا قد تبين أن فعلية الحكم إنما هي بفعلية موضوعه في الخارج وليست من مراتب الحكم الذي هو أمر اعتباري وبيد المولى وضعا ورفعا ولا يتأثر بشئ من الوجودات الخارجية، ومعنى فعليته، فعلية فاعليته ومحركيته لا فعلية نفس الحكم الشرعي لأنه فعلي بنفس الجعل في عالم الاعتبار والذهن، ولا يعقل أن تكون تلك المرتبة من مراتب المجعول، بداهة أن مرتبة المجعول نفس مرتبة الجعل لأنه عينه، ويستحيل انفكاكه عنه كاستحالة انفكاك الوجود عن الايجاد، فإذن جعل هذه المرتبة من مراتب الحكم مبني على ضرب من المسامحة.
ومن هنا قلنا في ضمن البحوث السالفة أن شرائط الحكم هي نفس شرائط الجعل باعتبار أنه عين الجعل ذاتا وحقيقة، والمفروض أن شرائط