النفساني المؤكد فإنه لا استحالة في انفكاكه عن المشتاق إليه، وأما إذا كان المراد منها الاختيار وإعمال القدرة، فلا يمكن انفكاكها عن المراد لأن الاختيار وإعمال القدرة لا يتعلق إلا بالفعل الخارجي المقدور، ولا يمكن فرض كون إعمال القدرة من الآن والفعل المقدور في زمن متأخر، وقد تقدم تفصيل ذلك ضمن البحوث السالفة.
وأجاب (قدس سره) عن الصيغة الثانية أن الانبعاث والتحرك ببعث المولى وأمره إنما هو بحكم العقل من باب لزوم الطاعة، ومن الواضح أن موضوع حكم العقل بلزوم الطاعة كل شوق مؤكد قد حمل المولى على التصدي لتحصيله من خلال تحريك العبد بأمره الداعي والباعث له نحو الفعل في ظرفه وبحسب مقدماته، فإن هذا المقدار كاف لحكم العقل على العبد بلزوم الانبعاث في وقت الواجب، وإلا فماذا يقال في شأن الواجبات المنجزة المقيدة بقيود لابد أن تقع قبلها زمانا، فالصلاة مقيدة بالوضوء قبلها وهو يستلزم مرور زمان حتى ينتهي المكلف منه ويبدأ بالصلاة مع أن الواجب لم يقيد بالزمان المتأخر عن فعل الوضوء بل هو فعلي من أول الأمر، فلو كان يشترط في الوجوب فعلية الانبعاث نحو الواجب، لزم المحذور في المقام أيضا، إذ الانبعاث فعلا نحو الصلاة المقيدة بالوضوء غير معقول، وإنما المعقول الانبعاث أولا نحو الوضوء ثم نحو الصلاة هذا (1).
وفيه أن هذا الجواب لا يتم، وذلك لوضوح أن الغرض من الأمر إمكان انبعاث المكلف نحو الواجب بما له من القيود والشروط ولا يشترط في جعل الوجوب فعلية الانبعاث، حيث إن الغرض من جعله لشئ إيجاد الداعي في