بغير المقدور، وأما الثاني فلأن جعل الوجوب مشروطا بدخول الوقت رغم أن ملاكه مطلق فهو بلا مبرر، إذ لا معنى لجعل الحكم بلا ملاك، لأن الملاك هو حقيقة الحكم وروحه ولا قيمة للاعتبار بما هو، وأما بلحاظ ملاكه فلا يمكن أن يكون مشروطا بشرط متأخر، هذا كله بحسب مقام الثبوت والتصور، وأما ما أشرنا إليه سابقا من أن ملاك أخذ شئ قيدا للوجوب في مقام الاثبات أحد أمرين:
الأول: أن يكون ذلك الشئ دخيلا في اتصاف الفعل بالملاك في مرحلة المبادئ، فإنه حينئذ لابد من أخذه قيدا للوجوب في مرحلة الجعل.
الثاني: أن يكون الواجب مقيدا بقيد طولي غير اختياري، ففي مثل ذلك لا محالة أخذ ذلك القيد قيدا للوجوب أيضا، فإنما هو بلحاظ مقام الاثبات، بنكتة أن القيد إذا كان قيدا للوجوب مباشرة في مرحلة الجعل، فهو يكشف عن أنه قيد للاتصاف بالملاك في مرحلة المبادئ، وإلا فلا يمكن أخذه قيدا للوجوب، وأما إذا كان القيد قيدا للواجب في هذه المرحلة فهو لا يكشف مباشرة عن أنه قيد للاتصاف وإنما يكشف كذلك عن أنه قيد للترتب، ولكنه إذا كان طوليا وغير اختياري، يكشف عن أنه قيد للوجوب والاتصاف أيضا بنحو الشرط المقارن حتى لا يلزم التكليف بغير المقدور، مثلا قوله تعالى (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) ظاهر في أن الأمر بالصوم منذ رؤية الهلال، وحيث إنه لا يمكن أن يكون ذلك بنحو الواجب المعلق ولا الواجب المشروط بالشرط المتأخر لاستحالتهما معا كما تقدم، فلابد حينئذ من الالتزام بأن طلوع الفجر كما أنه قيد للترتب كذلك قيد للاتصاف، غاية الأمر أن الجعل كان منذ الليل وأما المجعول وهو الوجوب الفعلي المحرك فهو بعد الطلوع، إلى هنا قد وصلنا إلى هذه النتيجة وهي أن الواجب إذا كان مقيدا بوقت متأخر، فإن