يكون متأخرا ويبدأ منذ الفجر، فإن الآية وإن كانت ظاهرة في أن الأمر بالصوم في الغد من حين الشهادة، إلا أنها لا تكون ظاهرة في أن الأمر بالصوم مطلق وفعلي بفعلية موضوعه قبل طلوع الفجر وأنه غير دخيل في اتصافه بالملاك في مرحلة المبادئ، بل لا يبعد ظهورها في أن جعله إنما هو من حين الشهادة، وأما فعليته فإنما هي بفعلية الفجر، فإنه كما أخذ قيدا لمتعلقه كذلك أخذ قيدا لموضوعه حكما وملاكا، فإذن لا يكون الوجوب فعليا قبل طلوع الفجر، فالنتيجة أن الآية لا تدل على أن فاعلية وجوب الصوم فعلية بفعلية موضوعه قبل الفجر، بل لو كانت الآية الشريفة ظاهرة في الواجب المعلق وهو فعلية الوجوب قبل الفجر، فلابد من رفع اليد عن هذا الظهور، لما عرفت من استحالة ذلك، ومن هنا يظهر حال الروايات الآمرة بتعليق وجوب الصوم على الرؤية كقوله (عليه السلام) صم للرؤية (1).
الوجه الثالث: ما ذكره المحقق النائيني (قدس سره) من أن قيود الوجوب تختلف عن قيود الواجب، فإن قيود الوجوب قد أخذت في لسان الدليل مفروضة الوجود خارجا في مرحلة الجعل، وأما قيود الواجب فإنها قد أخذت في متعلق الوجوب تقيدا لا قيدا، ولازم الأول أمران:
أحدهما: أن تحصيلها غير واجب، إذ لا مقتضى لوجوبها بينما يجب تحصيل الثانية.
وثانيهما: أن فعلية الحكم تتبع فعلية هذه القيود في الخارج على أساس أنها بمثابة الشرط في القضية الشرطية والحكم بمثابة الجزاء، ومن الطبيعي أن الجزاء يدور مدار الشرط وجودا وعدما حدوثا وبقاء، وعلى ذلك بنى (قدس سره) أن