نفس المكلف بنحو الاقتضاء لا بنحو العلية.
وعلى هذا الأساس فإذا كان زمان الواجب مقارنا لزمان الوجوب كصلاة الظهر مثلا، فإن زمانها مقارن لزمان وجوبها، لأن زمان كليهما يبدأ من الزوال، وعليه فإذا تحقق الزوال أمكن انبعاث المكلف نحو الصلاة بما لها من القيود والشروط، وهذا بخلاف ما إذا كان زمان الوجوب متقدما على زمان الواجب، فإنه يستحيل أن يكون باعثا وداعيا من حين تحققه وفي فترة قبل تحقق زمان الواجب، لأن في هذه الفترة من الزمان لا يمكن داعويته وباعثيته كما لا يمكن انبعاث المكلف فيها نحو الواجب، مثلا إذا تحقق وجوب الصوم في شهر رمضان منذ رؤية الهلال، لا يمكن أن يكون داعيا وباعثا في فترة زمنية بينها وبين طلوع الفجر، كما أنه لا يمكن انبعاث المكلف في تلك الفترة، بينما وجوب الصلاة بعد الزوال يمكن أن يكون داعيا وباعثا كما يمكن انبعاث المكلف منه بعده.
ودعوى أن الواجب المقيد بقيد زماني كالصلاة مثلا وإن كان وقوعه ممكنا في عمود الزمان كوقوع الصلاة في طول زمانها إلا أن وقوعه دفعة واحدة في آن تحقق الوجوب لا يمكن ومستحيل، إذ لا يعقل وجود الواجب التدريجي كالصلاة دفعة واحدة كاستحالة وقوع الفجر في الليل.
مدفوعة ضرورة أن المراد من امكان انبعاث المكلف امكان انبعاثه نحو الواجب في عمود زمانه بما له من الأجزاء والقيود والشروط الطولية، وليس المراد منه انبعاث المكلف نحو وقوعه دفعة واحدة حتى يقال أنه مستحيل، فإن هذا غير محتمل، بداهة أن وجوب الصلاة إذا تحقق بعد الزوال، لا يوجب تحريك المكلف وانبعاثه نحو الاتيان بالصلاة دفعة واحدة وفي آن تحقق الوجوب لكي يقال أنه مستحيل، بل يوجب ذلك من الزوال إلى الغروب، لوضوح أن العقل لا يحكم بأكثر من ذلك، فإن انبعاث المكلف إنما هو على أساس حكم العقل بلزوم