الشرط انما وضعت لتقييد جملة بجملة ولا يصح استعمالها في تقييد المفاهيم الافرادية أصلا (الثاني) ان ملاك الدلالة على المفهوم كما مرت الإشارة إليه في الفصل السابق هو أن يكون القيد راجعا إلى المادة المنتسبة ليترتب عليه ارتفاع الحكم عند ارتفاع قيده و الوجه في ذلك هو ان التقييد إذا رجع إلى نفس الحكم على النحو المعقول كان لازم ذلك هو ارتفاعه بارتفاعه إذ لو كان الحكم ثابتا عند عدم القيد أيضا لما كان الحكم مقيدا به بالضرورة ففرض تقييد الحكم بشئ يستلزم فرض انتفائه بانتفائه واما إذا كان القيد راجعا إلى المفهوم الافرادي فغاية ما يترتب على التقييد هو ثبوت الحكم على المقيد ومن الضروري ان ثبوت شئ لشئ لا يستلزم نفيه عن غيره والا لكان كل قضية مشتملة على ثبوت حكم على شئ دالا على المفهوم وذلك واضح البطلان وعلى ما ذكرناه فدلالة الوصف على المفهوم تتوقف على كونه قيد النفس الحكم لا لموضوعه ولا لمتعلقه وبما ان الظاهر في الأوصاف أن تكون قيودا للمفاهيم الافرادية يكون الأصل فيها عدم الدلالة على المفهوم كما هو الحال في اللقب عينا غاية الأمر ان الموضوع أو المتعلق في اللقب أمر واحد يمكن التعبير عنه بلفظ واحد بخلافهما في المقام فإنه لا يمكن التعبير عنهما غالبا الا بلفظين وهذا لا يكون فارقا بين الموردين بعد اشتراكهما في ملاك عدم الدلالة على المفهوم أعني به كون الحكم غير مقيد بشئ فكما ان قولنا اكرام رجلا لا دلالة له على عدم وجوب اكرام المرأة أو الصبى كذلك قولنا أكرم الانسان البالغ الذكر لا دلالة له على نفى الوجوب عن غير الرجل من افراد الانسان واما ما اشتهر من أن تعليق الحكم على الوصف مشعر بالعلية فهو على تقدير تسليمه لا يثبت دلالة الوصف على المفهوم لان الاشعار ما لم يصل إلى مرتبة الظهور لا يكون حجة نعم إذا قامت قرينة خارجية على كون مبدأ الوصف علة للحكم (1) أو على أن القيد المذكور في الكلام انما اخذ قيدا لنفس الحكم لا لمتعلقه أو موضوعه دلت القضية حينئذ على انتفاء الحكم عند انتفاء الوصف المزبور لكن هذا أجنبي عما نحن فيه
(٤٣٥)