انما يكون فيما إذا تعلق الامر بالمسبب فلا محالة إذا شك في اجزاء السبب أو شرائطه فلا يكون هناك مجرى للبراءة لان المأمور به وهو المسبب لا تعلق للشك به وما تعلق به الشك وهو السبب ليس بمأمور به وأما إذا كان المأمور به وهو السبب فإن كان المشكوك دخله مما لا يمكن تعلق الامر به كقصد القربة فلابد من الاشتغال أيضا للزوم تحصيل غرض المولى وإن كان مما يمكن تعلق الامر به فلا بأس بشمول حديث الرفع له واخراجه عن ما تعلق به الامر فعلا (قلنا) ان هذا مبتن على لزوم تحصيل الغرض وكونه تحت التكليف وقد بينا بطلانه وان الملاكات ليست تحت اختيار العبد وما هو تحت اختياره نفس الفعل الذي هو معد لحصول الملاك ولو سلمنا كونه تحت الاختيار وانه المسبب للفعل الخارجي فقد بينا في بحث الصحيح والأعم انه كلما كان هناك مسبب توليدي يكون تحت الاختيار فلا محالة يكون هو المأمور به حقيقة ولو فرض كون السبب في لسان الشارع مأمورا به فلا محالة يتقيد المأمور به بالمسبب قهرا ضرورة انه لافرق بين أمر المولى بالاحراق وأمره بالالقاء مثلا فان الامر بالاحراق أمر بالالقاء كما أن الامر بالالقاء أمر بالاحراق لا محالة فإذا شك في دخل شئ في السبب فلا محالة لا تجرى البراءة (1) ويكون مقتضى القاعدة هو الاشتغال (فان قلت) سلمنا تقيد السبب بالمسبب غايته أن يكون هذا القيد أيضا أحد قيود المأمور به هو السبب فيكون المأمور به هو الصلاة المقيدة بالنهي عن الفحشاء مثلا ومع ذلك فلا يلزمه القول بالاشتغال مطلقا حتى في الاجزاء والشرائط التي يمكن تعلق التكليف بها فان فيها جهتين إحديهما جهة كونها متعلقة للتكليف وثانيتهما جهة دخلها في الملاك والجهة الأولى شرعية والثانية عقلية فمن الجهة الأولى تجرى البراءة الشرعية ويثبت عدم تعلق الامر الفعلي بالجزء المشكوك ويترتب عليه اكتفاء الشارع في مقام الامتثال ببقية الأجزاء المعلومة وسيجيئ في محله انشاء الله تعالى عدم الفرق في مجارى الأصول بين مقام الجعل
(١٢١)