أراد الامتثال بها على (1) العلم، أو أراد الامتثال المعلوم إجمالا، أو أراد امتثالها من طريق خاص تعبدي، أو أراد امتثالها الظني، وما عدا الأخير باطل، فتعين هو.
وإما أن يقرر على وجه يكون العقل منشأ للحكم بوجوب الامتثال الظني، بمعنى حسن المعاقبة على تركه وقبح المطالبة بأزيد منه، كما يحكم بوجوب تحصيل العلم وعدم كفاية الظن عند التمكن من تحصيل العلم، فهذا الحكم العقلي ليس من مجعولات الشارع، إذ كما أن نفس وجوب الإطاعة وحرمة المعصية بعد تحقق الأمر والنهي من الشارع ليس من الأحكام المجعولة للشارع، بل شئ يستقل به العقل لا على وجه الكشف، فكذلك كيفية الإطاعة وأنه يكفي فيها الظن بتحصيل مراد الشارع في مقام، ويعتبر فيها العلم بتحصيل المراد في مقام آخر إما تفصيلا أو إجمالا.
وتوهم: أنه يلزم على هذا انفكاك حكم العقل عن حكم الشرع، مدفوع بما قررنا في محله: من أن التلازم بين الحكمين إنما هو مع قابلية المورد لهما، أما لو كان قابلا لحكم العقل دون الشرع فلا تلازم (2)، كما في الإطاعة والمعصية، فإنهما لا يقبلان لورود حكم الشارع عليهما بالوجوب والتحريم الشرعيين - بأن يريد فعل الأولى وترك الثانية بإرادة مستقلة غير إرادة فعل المأمور به وترك المنهي عنه الحاصلة بالأمر والنهي - حتى أنه لو صرح بوجوب الإطاعة وتحريم المعصية