أو لا، وفي الوجه الثاني لا يلزم حصول الظن بالبراءة في حكم الشارع، إذ لا يستلزم مجرد الظن بالواقع الظن باكتفاء المكلف بذلك الظن في العمل، سيما بعد النهي عن اتباع الظن، فإذا تعين تحصيل ذلك بمقتضى العقل يلزم اعتبار أمر آخر يظن معه رضى المكلف بالعمل به، وليس ذلك إلا الدليل الظني الدال على حجيته، فكل طريق قام ظن على حجيته عند الشارع يكون حجة، دون ما لم يقم عليه ذلك (1)، انتهى بألفاظه.
وأشار بقوله: " حسب ما مر تفصيل القول فيه " إلى ما ذكره سابقا في مقدمات هذا المطلب، حيث قال في المقدمة الرابعة من تلك المقدمات:
إن المناط في وجوب الأخذ بالعلم وتحصيل اليقين من الدليل هل هو اليقين بمصادفة الأحكام الواقعية الأولية إلا أن يقوم دليل على الاكتفاء بغيره؟ أو أن الواجب أولا هو تحصيل اليقين بتحصيل الأحكام، وأداء الأعمال على وجه أراده الشارع منا في الظاهر وحكم معه قطعا بتفريغ ذمتنا بملاحظة الطرق المقررة لمعرفتها مما جعلها وسيلة للوصول إليها، سواء علم بمطابقته للواقع أو ظن ذلك، أو لم يحصل به شئ منهما؟ وجهان.
الذي يقتضيه التحقيق: هو الثاني، فإنه القدر الذي يحكم العقل بوجوبه ودلت الأدلة المتقدمة على اعتباره، ولو حصل العلم بها على الوجه المذكور لم يحكم العقل قطعا بوجوب تحصيل العلم بما في الواقع،