وأما ثانيا: فلأنه إذا بني على كشف المقدمات المذكورة عن جعل الظن على وجه الإهمال والإجمال، صح المنع الذي أورده بعض المتعرضين (1) لرد هذا الدليل، وقد أشرنا إليه سابقا (2)، وحاصله:
أنه كما يحتمل أن يكون الشارع قد جعل لنا مطلق الظن أو الظن في الجملة - المتردد بين الكل والبعض المردد بين (3) الأبعاض - كذلك يحتمل أن يكون قد جعل لنا شيئا آخر حجة من دون اعتبار إفادته الظن، لأنه أمر ممكن غير مستحيل، والمفروض عدم استقلال العقل بحكم في هذا المقام، فمن أين يثبت جعل الظن في الجملة دون شئ آخر، ولم يكن لهذا المنع دفع أصلا؟ إلا أن يدعى الإجماع على عدم نصب شئ آخر غير الظن في الجملة، فتأمل (4).
وأما ثالثا: فلأنه لو صح كون النتيجة مهملة مجملة لم ينفع أصلا إن بقيت على إجمالها، وإن عينت: فإما أن تعين (5) في ضمن كل الأسباب، وإما أن تعين (6) في ضمن بعضها المعين، وسيجئ (7) عدم تمامية شئ من هذين إلا بضميمة الإجماع، فيرجع الأمر بالأخرة إلى دعوى الإجماع على حجية مطلق الظن بعد الانسداد،