وعلمنا أيضا بوجود شياه محرمة في خصوص طائفة خاصة من تلك الغنم بحيث لو لم يكن من الغنم إلا هذه علم إجمالا بوجود الحرام فيها أيضا، والكاشف عن ثبوت العلم الإجمالي في المجموع ما أشرنا إليه سابقا: من أنه لو عزلنا من هذه الطائفة الخاصة التي علم بوجود الحرام فيها قطعة توجب انتفاء العلم الإجمالي فيها وضممنا إليها مكانها باقي الغنم، حصل العلم الإجمالي بوجود الحرام فيها أيضا، وحينئذ:
فلا بد (1) من أن نجري (2) حكم العلم الإجمالي في تمام الغنم إما بالاحتياط، أو بالعمل بالمظنة لو بطل وجوب الاحتياط. وما نحن فيه من هذا القبيل. ودعوى: أن سائر الأمارات المجردة لا مدخل لها في العلم الإجمالي، وأن هنا علما إجماليا واحدا بثبوت الواقع بين الأخبار، خلاف الانصاف.
وثانيا: أن اللازم من ذلك العلم الإجمالي هو العمل بالظن في مضمون تلك الأخبار، لما عرفت (3): من أن العمل بالخبر الصادر إنما هو باعتبار كون مضمونه حكم الله الذي يجب العمل به، وحينئذ: فكلما ظن بمضمون خبر منها - ولو من جهة الشهرة - يؤخذ به، وكل خبر لم يحصل الظن (4) بكون مضمونه حكم الله لا يؤخذ به ولو كان مظنون الصدور، فالعبرة بظن مطابقة الخبر للواقع، لا بظن الصدور.