فإن قيل: كيف تعولون على هذه الروايات، وأكثر رواتها المجبرة والمشبهة والمقلدة والغلاة والواقفية والفطحية وغير هؤلاء من فرق الشيعة المخالفة للاعتقاد الصحيح، ومن شرط خبر الواحد أن يكون راويه عدلا عند من أوجب العمل به؟
وإن عولتم على عملهم دون روايتهم فقد وجدناهم عملوا بما طريقه هؤلاء الذين ذكرناهم، وذلك يدل على جواز العمل بأخبار الكفار والفساق.
قيل لهم: لسنا نقول إن جميع أخبار الآحاد يجوز العمل بها، بل لها شرائط نذكرها فيما بعد، ونشير ههنا إلى جملة من القول فيه.
فأما ما يرويه العلماء المعتقدون للحق فلا طعن على ذلك به.
وأما ما يرويه قوم من المقلدة، فالصحيح الذي أعتقده: أن المقلد للحق وإن كان مخطئا في الأصل، معفو عنه، ولا أحكم فيه بحكم الفساق، ولا يلزم على هذا ترك ما نقلوه.
على أن من أشاروا إليه (1) لا نسلم أنهم كلهم مقلدة، بل لا يمتنع أن يكونوا عالمين بالدليل على سبيل الجملة، كما يقوله جماعة أهل العدل في كثير من أهل الأسواق والعامة.
وليس من حيث يتعذر عليهم إيراد الحجج ينبغي أن يكونوا غير عالمين، لأن إيراد الحجج والمناظرة صناعة ليس يقف حصول المعرفة على حصولها، كما قلنا في أصحاب الجملة.
وليس لأحد أن يقول: هؤلاء ليسوا من أصحاب الجملة، لأنهم