ما قدمناه، ولم نجدهم اختلفوا في ما بينهم وأنكر بعضهم على بعض العمل بما يروونه، إلا مسائل دل الدليل الموجب للعلم على صحتها.
فإذا خالفوهم فيها أنكروا عليهم، لمكان الأدلة الموجبة للعلم والأخبار المتواترة بخلافه (1).
على أن الذين أشير إليهم في السؤال أقوالهم متميزة بين أقوال الطائفة المحقة، وقد علمنا أنهم لم يكونوا أئمة معصومين، وكل قول قد علم قائله وعرف نسبه وتميز من أقاويل سائر الفرقة المحقة، لم يعتد بذلك القول، لأن قول الطائفة إنما كان حجة من حيث كان فيهم معصوم، فإذا كان القول من غير معصوم علم أن قول المعصوم داخل في باقي الأقوال، ووجب المصير إليه على ما بينته في الإجماع (2)، انتهى موضع الحاجة من كلامه.
ثم أورد على نفسه: بأن العقل إذا جوز التعبد بخبر الواحد، والشرع ورد به، فما الذي يحملكم على الفرق بين ما يرويه الطائفة المحقة وبين ما يرويه أصحاب الحديث من العامة؟
ثم أجاب عن ذلك: بأن خبر الواحد إذا كان دليلا شرعيا فينبغي أن يستعمل بحسب ما قررته الشريعة، والشارع يرى العمل بخبر طائفة خاصة، فليس لنا التعدي إلى غيرها. على أن العدالة شرط في الخبر بلا خلاف، ومن خالف الحق لم يثبت عدالته، بل ثبت فسقه.