ولا يخفى: أن إخباره بإجماع العلماء على الفتوى بالمضايقة مبني على الحدس والاجتهاد من وجوه:
أحدها: دلالة ذكر الخبر على عمل الذاكر به. وهذا وإن كان غالبيا إلا أنه لا يوجب القطع، لمشاهدة التخلف كثيرا.
الثاني: تمامية دلالة تلك الأخبار عند أولئك على الوجوب، إذ لعلهم فهموا منها بالقرائن الخارجية تأكد الاستحباب.
الثالث: كون رواة تلك الروايات موثوقا بهم عند أولئك، لأن وثوق الحلي بالرواة لا يدل على وثوق أولئك.
مع أن الحلي لا يرى جواز العمل بأخبار الآحاد وإن كانوا ثقات، والمفتي إذا استند فتواه إلى خبر واحد، لا يوجب اجتماع أمثاله القطع بالواقع، خصوصا لمن يخطئ العمل بأخبار الآحاد.
وبالجملة: فكيف يمكن أن يقال: إن مثل هذا الإجماع إخبار عن قول الإمام (عليه السلام)، فيدخل في الخبر الواحد؟ مع أنه في الحقيقة اعتماد على اجتهادات الحلي مع وضوح فساد بعضها، فإن كثيرا ممن ذكر أخبار المضايقة قد ذكر أخبار المواسعة أيضا (1)، وأن المفتي إذا علم استناده إلى مدرك لا يصلح للركون (2) إليه - من جهة الدلالة أو المعارضة - لا يؤثر فتواه في الكشف عن قول الإمام (عليه السلام).
وأوضح حالا في عدم جواز الاعتماد: ما ادعاه الحلي من الإجماع