أخبرنا سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار قال: أدركت بضعة عشر من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كلهم يوقف المولي. قال الشافعي: وأقل ذلك ثلاثة عشر ورواه الشافعي عن علي - رضي الله عنه - أنه يوقف المولي ثم قال وهكذا تقول وهو موافق لما رويناه عن عمر وابن عمر وعائشة وعثمان وزيد بن ثابت وبضعة عشر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. هكذا قال الشافعي رحمه الله قال ابن جرير: حدثنا ابن أبي مريم حدثنا يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن عمر عن سهيل ابن أبي صالح عن أبيه قال: سألت اثني عشر رجلا من الصحابة عن الرجل يولي من امرأته فكلهم يقول ليس عليه شئ حتى تمضي الأربعة الأشهر فيوقف فإن فاء وإلا طلق ورواه الدارقطني من طريق سهيل.
" قلت " وهو يروى عن عمر وعثمان وعلي وأبي الدرداء وعائشة أم المؤمنين وابن عمر وابن عباس وبه يقول سعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز ومجاهد وطاوس ومحمد بن كعب والقاسم وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد بن حنبل وأصحابهم رحمهم الله وهو اختيار ابن جرير أيضا وهو قول الليث وإسحق بن راهويه وأبي عبيد وأبي ثور وداود وكل هؤلاء قالوا: إن لم يفئ ألزم بالطلاق فإن لم يطلق طلق عليه الحاكم والطلقة تكون رجعية له رجعتها في العدة وانفرد مالك بأن قال: لا يجوز له رجعتها حتى يجامعها في العدة وهذا غريب جدا.
وقد ذكر الفقهاء وغيرهم في مناسبة تأجيل المولي بأربعة أشهر الأثر الذي رواه الامام مالك بن أنس رحمه الله في الموطأ عن عبد الله بن دينار قال: خرج عمر بن الخطاب من الليل فسمع امرأة تقول:
تطاول هذا الليل واسود جانبه * وأرقني أن لا ضجيع ألاعبه فوالله لولا الله أني أراقبه * لحرك من هذا السرير جوانبه فسأل عمر ابنته حفصة رضي الله عنها كم أكثر ما تصبر المرأة عن زوجها؟ فقالت: ستة أشهر أو أربعة أشهر فقال عمر: لا أحبس أحدا من الجيوش أكثر من ذلك وقال محمد بن إسحاق عن السائب بن جبير مولى ابن عباس وكان قد أدرك أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ما زلت أسمع حديث عمر أنه خرج ذات ليلة يطوف بالمدينة وكان يفعل ذلك كثيرا إذ مر بامرأة من نساء العرب مغلقة بابها تقول:
تطاول هذا الليل وأزور جانبه * وأرقني أن لا ضجيع ألاعبه ألاعبه طورا وطورا كأنما * بدا قمرا في ظلمة الليل حاجبه يسر به من كان يلهو بقربه * لطيف الحشا لا يحتويه أقاربه فوالله لولا الله لا شئ غيره * لنقض من هذا السرير جوانبه ولكنني أخشى رقيبا موكلا * بأنفاسنا لا يفتر الدهر كاتبه مخافة ربي والحياء يصدني * وإكرام بعلي أن تنال مراكبه ثم ذكر بقية ذلك كما تقدم أو نحوه وقد روي هذا من طرق وهو من المشهورات.
والمطلقات يتربصن بأنفسهم ثلاثة قروء ولا يحل لهم أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم (228) هذا أمر من الله سبحانه وتعالى للمطلقات المدخول بهن من ذوات الأقراء بان يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء أي بأن تمكث إحداهن بعد طلاق زوجها لها ثلاثة قروء ثم تتزوج إن شاءت وقد أخرج الأئمة الأربعة من هذا العموم الأمة إذا طلقت فإنها تعتد عندهم بقرأين لأنها على النصف من الحرة والقرء لا يتبعض فكمل لها قرآن ولما رواه ابن جرير عن