وحكى الشيخ أبو عمر بن عبد البر في كتاب الاستذكار له عن بكر بن عبد الله المزني أنه ذهب إلى أن الخلع منسوخ بقوله " وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا ". ورواه ابن جرير عنه وهذا قول ضعيف ومأخذ مردود على قائله وقد ذكر ابن جرير رحمه الله أن هذه الآية نزلت في شأن ثابت بن قيس بن شماس وامرأته حبيبة بنت عبد الله بن أبي ابن سلول ولنذكر طرق حديثها واختلاف ألفاظه: قال الامام مالك في موطئه عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن بن سعيد بن زرارة أنها أخبرته عن حبيبة بنت سهل الأنصاري أنها كانت تحت ثابت بن قيس بن شماس وأن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - خرج إلى الصبح فوجد حبيبة بنت سهل عند بابه في الغلس فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - " من هذه؟ " قلت: أنا حبيبة بنت سهل فقال " ما شأنك " فقالت: لا أنا ولا ثابت بن قيس لزوجها فلما جاء زوجها ثابت بن قيس قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " هذه حبيبة بنت سهل قد ذكرت ما شاء الله أن تذكر " فقالت حبيبة: يا رسول الله كل ما أعطاني عندي فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " خذ منها " فأخذ منها وجلست في أهلها. وهكذا رواه الإمام أحمد عن عبد الرحمن بن مهدي عن مالك بإسناده مثله ورواه أبو داود عن القعنبي عن مالك والنسائي عن محمد بن مسلمة عن ابن القاسم عن مالك " حديث آخر " عن عائشة. قال أبو داود وابن جرير:
حدثنا محمد بن معمر حدثنا أبو عامر حدثنا أبو عمرو السدوسي عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة أن حبيبة بنت سهل كانت تحت ثابت بن قيس بن شماس فضربها فانكسر بعضها فأتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد الصبح فاشتكته إليه فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثابتا فقال " خذ بعض مالها وفارقها " قال: ويصلح ذلك يا رسول الله؟ قال " نعم " قال: إني أصدقتها حديقتين فهما بيدها فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - " خذهما وفارقها " ففعل وهذا لفظ ابن جرير وأبو عمرو السدوسي هو سعيد بن سلمة بن أبي الحسام " حديث آخر " فيه عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال البخاري: حدثنا أزهر بن جميل أخبرنا عبد الوهاب الثقفي حدثنا خالد عن عكرمة عن ابن عباس أن امرأة ثابت بن قيس بن شماس أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت يا رسول الله: ما أعيب عليه في خلق ولا دين ولكن أكره الكفر في الاسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أتردين عليه حديقته " قالت: نعم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " اقبل الحديقة وطلقها تطليقة " وكذا رواه النسائي عن أزهر بن جميل بإسناده مثله ورواه البخاري أيضا به عن إسحاق الواسطي عن خالد هو ابن عبد الله الطحاوي عن خالد هو ابن مهران الحذاء عن عكرمة عن ابن عباس به نحوه. وهكذا رواه البخاري أيضا من طرق عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس وفي بعضها أنها قالت: لا أطيقه يعني بغضا وهذا الحديث من أفراد البخاري من هذا الوجه. ثم قال حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة أن جميلة رضي الله عنها كذا قال والمشهور أن اسمها حبيبة كما تقدم لكن قال الإمام أبو عبد الله بن بطة: حدثني أبو يوسف يعقوب بن يوسف الطباخ حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري حدثني عبد الأعلى حدثنا سعيد عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس أن جميلة بنت سلول أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: والله ما أعتب على ثابت بن قيس في دين ولا خلق ولكنني أكره الكفر في الاسلام لا أطيقه بغضا فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - " تردين عليه حديقته؟ " قالت: نعم. فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يأخذ ما ساق ولا يزداد وقد رواه ابن مردويه في تفسيره عن موسى بن هارون حدثنا أزهر بن مروان حدثنا عبد الأعلى مثله وهكذا رواه ابن ماجة عن أزهر بن مروان بإسناده مثله سواء وهو إسناد جيد مستقيم وقال ابن جرير: حدثنا ابن حميد حدثنا يحيى بن واضح حدثنا الحسين بن واقد عن ثابت عن عبد الله بن رباح عن جميلة بنت عبد الله بن أبي ابن سلول أنها كانت تحت ثابت بن قيس فنشزت عليه فأرسل إليها النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال " يا جميلة ما كرهت من ثابت؟ " قالت: والله ما كرهت منه دينا ولا خلقا إلا أني كرهت دمامته فقال لها: " أتردين عليه الحديقة " قالت نعم فردت الحديقة وفرق بينهما. وقال ابن جرير أيضا حدثنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا المعتمر بن سليمان قال قرأت على فضيل عن أبي جرير أنه سأل عكرمة هل كان للخلع أصل؟ قال: كان ابن عباس يقول إن أول خلع كان في الاسلام في أخت عبد الله بن أبي أنها أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت يا رسول الله لا يجمع رأسي ورأسه شئ أبدا إني رفعت جانب الخباء فرأيته قد أقبل في عدة فإذا هو أشدهم سوادا وأقصرهم قامة وأقبحهم وجها فقال زوجها يا