رواه ابن مردويه أيضا من طريق قيس بن الربيع عن إسماعيل بن سميع عن أبي رزين به مرسلا ورواه ابن مردويه أيضا من طريق عبد الواحد بن زياد عن إسماعيل بن سميع عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم. فذكره ثم قال:
حدثنا عبد الله بن أحمد بن عبد الرحيم حدثنا أحمد بن يحيى حدثنا عبيد الله بن جرير بن حبلة حدثنا ابن عائشة حدثنا حماد بن سلمة عن قتادة عن أنس بن مالك قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله ذكر الله الطلاق مرتين فأين الثالثة؟ قال " إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان " ".
وقوله " ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا " أي لا يحل لكم أن تضاجروهن وتضيقوا عليهن ليفتدين منكم بما أعطيتموهن من الاصدقة أو ببعضه كما قال تعالى " ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة " فأما إن وهبته المرأة شيئا عن طيب نفس منها فقد قال تعالى " فإن طبن لكم عن شئ منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا " وأما إذا تشاقق الزوجان ولم تقم المرأة بحقوق الرجل وأبغضته ولم تقدر على معاشرته فلها أن تفتدي منه بما أعطاها ولا حرج عليها في بذلها له ولا حرج عليه في قبول ذلك منها ولهذا قال تعالى " ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به " الآية.
فأما إذا لم يكن لها عذر وسألت الافتداء منه فقد قال ابن جرير: حدثنا ابن بشار حدثنا عبد الوهاب ح وحدثني يعقوب بن إبراهيم حدثنا ابن علية قالا جميعا: حدثنا أيوب عن أبي قلابة عمن حدثه عن ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي به وقال حسن قال ويروى عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان قال: " أيما امرأة سألت زوجها طلاقها في غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة " وهكذا رواه الترمذي عن بندار ورواه بعضهم عن أيوب بهذا الاسناد ولم يرفعه: وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمن حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة قال: وذكر أبا أسماء وذكر ثوبان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " أيما امرأة سألت زوجها الطلاق في غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة ". وهكذا رواه أبو داود وابن ماجة وابن جرير من حديث حماد بن زيد به " طريق أخرى " قال ابن جرير: حدثني يعقوب بن إبراهيم حدثنا المعتمر بن سليمان عن ليث بن أبي إدريس عن ثوبان مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " أيما امرأة سألت زوجها الطلاق في غير ما بأس حرم الله عليها رائحة الجنة " وقال " المختلعات هن المنافقات ". ثم رواه ابن جرير والترمذي جميعا عن أبي كريب عن مزاحم بن داود بن علية عن أبيه عن ليث هو ابن أبي سليم عن أبي الخطاب عن أبي زرعة عن أبي إدريس عن ثوبان قال:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " المختلعات هن المنافقات " ثم قال الترمذي: غريب من هذا الوجه وليس إسناده بالقوي " حديث آخر " قال ابن جرير: حدثنا أيوب حدثنا حفص بن بشر حدثنا قيس بن الربيع عن أشعث بن سوار عن الحسن عن ثابت بن يزيد عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " إن المختلعات المنتزعات هن المنافقات " غريب من هذا الوجه ضعيف " حديث آخر " قال الإمام أحمد: حدثنا عفان حدثنا وهيب حدثنا أيوب عن الحسن عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " المتخلعات والمنتزعات هن المنافقات " " حديث آخر " قال ابن ماجة: حدثنا بكر بن خلف أبو بشر حدثنا أبو عاصم عن جعفر بن يحيى بن ثوبان عن عمه عمارة بن ثوبان عن عطاء عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال " لا تسأل امرأة زوجها الطلاق في غير كنهه فتجد ريح الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاما ". ثم قد قال طائفة كثيرة من السلف وأئمة الخلف إنه لا يجوز الخلع إلا أن يكون الشقاق والنشوز من جانب المرأة فيجوز للرجل حينئذ قبول الفدية واحتجوا بقوله تعالى " ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله " قالوا: فلم يشرع الخلع إلا في هذه الحالة فلا يجوز في غيرها إلا بدليل والأصل عدمه وممن ذهب إلى هذا ابن عباس وطاوس وإبراهيم وعطاء والحسن والجمهور حتى قال مالك والأوزاعي: لو أخذ منها شيئا وهو مضار لها وجب رده إليها وكان الطلاق رجعيا قال مالك: وهو الامر الذي أدركت الناس عليه وذهب الشافعي رحمه الله إلى أنه يجوز الخلع في حال الشقاق وعند الاتفاق بطريق الأولى والأحرى وهذا قول جميع أصحابه قاطبة